﴿ويذكر﴾ من كل ذاكر أذن له سبحانه ﴿فيها اسمه﴾ أي ذكراً صافياً عن شوب، وخالصاً عن غش ﴿يسبح﴾ أي يصلي وينزه ﴿له﴾ أي خاصة ﴿فيها بالغدو﴾ أي الإبكار، بصلاة الصبح ﴿والآصال*﴾ أي العشيات، ببقية الصلوات، فيفتحون أعمالهم ويختمونها بذكره ليحفظوا فيما بين ذلك ويبارك لهم فيما يتقلبون فيه، وجمع الأصيل لتحقق أن المراد الظهر والعصر والمغرب والعشاء ؛ قال البغوي : لأن اسم الأصيل يجمعها.
﴿رجال﴾ أيّ رجال ﴿لا تلهيهم تجارة﴾ أي ببيع أو شر أو غيرهما، يظهر لهم فيها ربح.
ولما كان الإنسان قد يضطر إلى الخروج بالبيع عن بعض ما يملك للاقتيات بثمنه أو التبلغ به إلى بعض المهمات التي لا وصول له إليها إلا به، أو بتحصيل ما لا يملك كذلك مع أن البيع في التجارة أيضاً هو الطلة الكلية لأنه موضع تحقق الربح الذي لا صبر عنه، قال :﴿ولا بيع﴾ أي وإن لم يكن على وجه التجارة، والبيع يطلق بالاشتراك على التحصيل الذي هو الشرى وعلى الإزالة ﴿عن ذكر الله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام مطلقاً بصلاة وغيرها، فهم كل وقت في شهود ومراقبة لمن تعرف إليهم بصفات الكمال ﴿و﴾ لا يليهم ذلك عن ﴿إقام الصلاة﴾ التي هي طهرة الأرواح،
٢٦٦
أعادها بعد ذكرها بالتسبيح تصريحاً بها تأكيداً لها وحثاً على حفظ وقتها لأنه من جملة مقوماتها وكذا جميع حدودها ولو بأوجز ما يكون من أدنى الكمال - بما أشار إليه حرف التاء إشعاراً بأن هذا المدح لا يتوقف على أنهى الكمال ﴿و﴾ لا عن ﴿إيتاء الزكاة﴾ التي هي زكاة الأشباح ونماؤها، وخص الرجال مع أن حضور النساء المساجد سنة شهيرة، إشارة إلى أن صلاتهن في بيوتهن أفضل لما روى أبو داود في سننه وابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال :"صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" والمخدع : الخزانة.