ولما وصف منزل الفرقان بما لا يحيط به علم أحد غيره من الشؤون، فاتضح بذلك إعجاز المنزل الذي أبام ذلك، وهو هذا القرآن، وأنه وحده الفرقان، عجب من حالا لمكذبين بهه فقال موضع ﴿وقالوا﴾ :﴿وقال الذين كفروا﴾ مظهراً الوصف الذي
٢٩٥
حملهم على هذا القول، وهو ستر ما ظهر لهم ولغيرهم كالشمس والاجتهاد في إخفائه :﴿إن﴾ أي ما ﴿هذا﴾ أي القرآن ﴿إلا إفك﴾ أي كذب مصروف عن ظاهره ووجه هو أسوأ الكذب ﴿افتراه﴾ أى تعمد كذبه هذا النذير، فكان قولهم هذا موضع العجب لكونه ظاهر الخلل.
ولما كان الإنسان مطبوعاً على أنه يتكثر بأدنى شيء من المحاسن فيحب أن تظهر عنه ولا ينسب شيء منها إلى غيره، كان أ'جب من ذلك وأظهر عواراً قولهم :﴿وأعانه﴾ أي محمداً ﴿عليه﴾ أي القرآن ﴿قوم﴾ أي ذوو كفاية حبوه بما يتشرف به دونهم ؛ وزادوا بعداً بقولهم :﴿آخرون﴾ أي من غير قومه ؛ فقيل : أرادوا اليهود، وقيل : غيرهم ممن في بلدهم من العبيد النصارى وغيرهم، فلذلك تسبب عنه قوله تعالى :﴿فقد جاؤوا﴾ أي ميلاً مع جلافة عظيمة عن السنن المستقيم في نسبة أصدق الناس وأطهرهم خليقة، وأقومهم طريقة، إلى هذه الدنايا التي لا يرضاها لنفسه أسقط الناس، فإنها - مع كنها دنيئة في نفسها - مضمنة الفضيحة ؛ قال ابن جرير وأصل الزور تحسين الباطل وتأويل الكلام.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٩٥


الصفحة التالية
Icon