ولما كان الكلام مع موسى عليه السلام، فكان إضماره غير ملبس، لم يصرح باسمه اكتفاء بضميره فقال :﴿عصاه﴾ أي التي تقدم في غير سورة أن الله تعالى أراه آياتها ﴿فإذا هي ثعبان﴾ أى حية في غاية الكبر ﴿مبين*﴾ أي ظاهر الثعبانية، لا شك عند رائية فيه، لا كما يكون عند الأمور السحرية من التخييلات والتشبيهات ﴿ونزع يده﴾ أي التي كانت احترقت لما أخذ الجمرة وهو في حجر فرعون، وبذل فرعون جهده في علاجها بجميع من قدر عليه من الأطباء فعجز عن إبرائها، نزعها من جيبه بعد أن أراه إياها على ما يعهده منها ثم أدخلها في جيبه ﴿فإذا هي﴾ بعد النزع ﴿بيضاء للناظرين*﴾ أي بياضاً تتوفر الدواعي على نظره لخروجه عن العادة بأن له نوراً كنور الشمس يكاد يغشي الأبصار ﴿قال﴾ أى فرعون ﴿للملأ حوله﴾ لما وضح له الأمر، يموه على عقولهم خوفاً من إيمانهم :﴿إن هذا لساحر عليم*﴾ أي شديد المعرفة بالسحر، وخص في هذه السورة إسناداً هذا الكلام إليه لأن السياق كله لتخصيصه الخطاب لما تقدمن ونظراً إلى ﴿فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾ لأن خضوعه هو خضوع من دونه، فدلالته على ذلك أظهر، ولا ينفي ذلك أن يكون قومه قالوه إظهاراً للطواعية - كما مضى في الأعراف.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٥٥
ولما أوقفهم بما خليهم به، أحماهم لأنفسهم فقال ملقياً لجلباب الأنفة لما قهره
٣٥٧


الصفحة التالية
Icon