ولما أتم سبحانه ما أراد من قصة موسى عليه السلام، أتبعه دلاله على رحيميته قصة إبراهيم عليه السلام لما تقدم أنه شاركه فيه مما يسلي عما وقع ذكره عنهم من التعنتات في الفرقان، ولما اختص به من مقارعة أبيه وقومه في الأوثان، وهو أعظم آباء العرب، ليكون ذلك حاملاً لهم على تقليده في التوحيد إن كانوا لا ينفكون عن التقليد، وزاجراً عن استعظام تسفيه آبائهم في عبادتها، وتعبيره سبحانه للسياق قبل وبعد، وتعبيره بقوله :﴿واتل﴾ أى قرأ قراءة متتابعة - مرجح للتقدير الأول في ﴿وإذ﴾ من جعله " اذكر " وتغييره في التعبير بها لسياق ما تقدم وما تأخر لتنبيه العرب على اتباعه لما لهم به من الخصوصية ﴿عليهم﴾ أى على هؤلاء المغترين بالأوثان، النكرين لرسالة البشر ﴿نبأ إبراهيم*﴾ أي خبره العظيم في مثل ذلك ﴿إذ﴾ أى حين ﴿قال لأبيه وقومه﴾ منبهاً لهم على ضلالهم، لا مستعلماً لأنه كان عالماً بحقيقة حالهم :﴿ما﴾ أي أي شيء، وصور لهم حالهم تنبيهاً لهم على قباحتها فعبر بالمضارع فقال :﴿تعبدون*﴾ أي تواظبون على عبادته ﴿قالوا﴾ مبتهجين بسؤاله، مظهرين الافتخار في جوابهم بإطالة الكلام :﴿نعبد أصناماً فنظل﴾ أي فيتسبب عن عبادتنا لها أنا نوفي حق العبادة بأن ندوم ﴿لها عاكفين*﴾
٣٦٦