ولما كان المرض ضرراً، نزهه عن نسبته إليه أدباً وإن كانت نسبة الكل إليه سبحانه معلومة، بقوله :﴿وإذا مرضت﴾ باستيلاء بعض الأخلاط على بعض لما بينها من التنافر الطبيعي ﴿فهو﴾ أى وحده ﴿يشفين*﴾ بسبب تعديل المزاج بتعديل الأخلاط وقسرها على الاجتماع والاعتدالن لا طبيب ولا غيره وإن تسببت أنا في أمراض نفسي ببرد أو حر أو طعام أتناوله أو غير ذلك لأنه قادر على ما يريد.
ولما كان الإنسان مطبوعاً على الاجتهاد في حفظ حياته وبقاء مهجته، نسب فعل الموت إليه إعظاماً للقدرة فقال :﴿والذي يميتني﴾ أي حساً وإن اجتهدت في دفع الموت، ومعنى وإن اجتهدت في دفع الجهل.
ولما كان الإحياؤ حساً بالروح ومعنى بالهداية عظيماً، أتى بأداة التراخي لذلك ولطول المكث في البرزخ فقال :﴿ثم يحيين﴾ للمجازاة في الآخرة كما شفاني من المرض وإن وصلت إلى حد لا أرجى فيه، ولم يأت هنا بما يدل على الحصر لأنه لا مدعي للإحياء والإماتة إلا ما ذكره سبحانه عن نمروج في سورة البقرة، وأن إبراهيم عليه السلام ابهته ببيان عجزه في إظهار صورة من مكان من الأمكنة بلا شرط من روح ولا غيرها، وإذا عجز عن ذلك كان عجزه عن إيجاد صورة أبين، فكيف إذا انضم إلى ذلك إفادتها روحاً أو سلبها منها، فعدّ ادعاؤه لذلك - مع القاطع المحسوس الذي أبهته - عدماً، والله أعلم.
ولما ذكر البعث، ذكر ما يترتب عليه فقال :﴿والذي اطمع﴾ هضماً لنفسه واطراحاً لأعماله وإشارة إلى أنه بالنسبة إلى الحضرة الأعظمية غير قادرة لها حق قدرها، فإن الطمع كما قال الحرالي في البقرة تعلق البال بالشيء من غير تقدم سبب - انتهى.
فلذلك لم يعد له عملاً ﴿أن يغفر﴾ أي يمحو ويستر.