ولما تسبب عن هذا التبريز والقول إظهار قدرته تعالى وعجزهم بقذفهم فيها قال :﴿فكبكبوا﴾ أي الأصنام ونحوها، قلبوا وصرعوا ورموا، قلباً عظيماً مكرراً سريعاً من كل من أمره الله بقلبهم بعد هذا السؤال، إظهاراً لعجزهم بالفعل حتى عن الجواب قبل الجواب ﴿فيها﴾ أي ي مهواه الجحيم قلباً عنيفاً مضاعفاً كثيراً بعضهم في اثر بعض ﴿هم﴾ أي الأصنام وما شابهها مما عبد من الشاطين ونحوهم ﴿والغاون*﴾ أي الذي ضلوا بهم ﴿وجنود إبليس﴾ من شياطين الإنس والجن ﴿أجمعون*﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٧١
ولما علم بهذا أنهم لم يتمكنوا من قول في جواب استفامهم توبيخاً، وكان من المعلوم أن الإنسان مطبوع على أن يقول في كل شيء ينوبه ما يثيره له إدراكه مما يرى أنه يبرد من غلته، وينفع من علته، تشوف السامع إلى معرفة قولهم بعد الكبكبة، فأشير إلى ذلك بقوله :﴿قالوا﴾ أي العبدة ﴿وهم فيها﴾ أي الجحيم ﴿يختصمون﴾ أي مع المعبودات :﴿تالله﴾ أي الذي له جميع الكمال ﴿إن كنا لفي ضلال مبين*﴾ أي ظاهر جداً لمن كان له قلب ﴿إذ﴾ أي حين ﴿نسويكم﴾ في الرتبة ﴿برب العالمين*﴾ أي الذين فطرهم ودبرهم حتى عبدناكم ﴿وما أضلنا﴾ أي ذلك الضلال المبين عن الطريق البين ﴿إلا المجرمون*﴾ أي العريقون في صفة الإجرام، المقتضي لقطع كل ما ينبغي أن يوصل ﴿فما﴾ أي فتسبب عن ذلك أنه ما ﴿لنا﴾ اليوم ؛ وزادوا في تعميم النفي بزيادة الجارّ فقالوا :﴿من شافعين*﴾ يكونون سبباً لإدخالنا الجنة، لأنا صرفنا ما كان يجب علينا لذي الأمر إلى من لا أمر له ؛ ولعله لم يفرد الشافع لأنهم دخلوا في الشفاعة العظمى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٧١
ولما كان الصديق قد لا يكون أهلاً لأن يشفع، قالوا تأسفاً على أقل ما يمكن :﴿ولا صديق﴾ أى يصدق في ودنا ليفعل ما ينفعنا.
ولما كان أصدق الصداقة ما كان من
٣٧٢


الصفحة التالية
Icon