ولما عرض عليهم التقوى بالرفق، وعلل ذلك بما ثبت به أمرها، تسبب عنه الجزم بالأمر فقال :﴿فاتقوا الله﴾ أى أوجدوا الخو والحذر والتحرز من الذي اختص بالجلال والجمال، مبادرين إلى ذلك بتوحيده لتحرزوا أص السعادة فتكونوا من أهل الجنة ﴿وأطيعون*﴾ أي في كل ما آمركم لتحرزوا رتبة الكمال في ذلك، فلا يمسكم عذاب.
ولما أثبت أمانته، نفى تهمته فقال :﴿وما اسألكم عليه﴾ أي على هذا الحال الذي أتيتكم به ؛ واشار إلى الإعراق في النفي بقوله :﴿من أجر﴾ أي ليظن ظان أني جعلت الدعاء سبباً له ؛ ثم أكد هذا النفي بقوله :﴿إن﴾ أي ما ﴿أجري﴾ أي في دعائي لكم ﴿إلا على رب العالمين*﴾ أي الذي دبر جميع الخلائق ورباهم.
ولما انتفت التهمة، تسبب عن انتفائها أيضاً ما قدمه، فأعاده إعلاماً بالاهتمام بذلك زيادة في الشفقة عليهم وتأكيداً له في قلوبهم تنبيهاً على أن الأمر في غاية العظمة لما يعلم من قلوبهم من شدة الجلافة فقال :﴿فاتقوا الله﴾ أي الذي حاز جميع صفات العظمة ﴿وأطيعون﴾.
ولما قام الدليل على نصحه وأمانته، أجابوا بما ينظر إلى محض الدنيا كما أجاب من قال من أشراف العرب ﴿ما لهذا الرسول﴾ الآيات، وقال : لو طردت هؤلاء الضعفاء لرجونا أن تتبعك حتى نزل في ذلك ﴿ولا تطرد الذين يدعون ربهم﴾ [الأنعام : ٥٢]
٣٧٤


الصفحة التالية
Icon