ولما كانوا في إعراضهم كأنهم يقولون : ما الذي تبقيه منه ؟ قال :﴿إني أخاف عليكم﴾ أي لأنكم قومي يسوءني ما يسوءكم - إن تماديتم على المعصية ﴿عذاب يوم عظيم*﴾ وتعظيم اليوم أبلغ من تعظيم العذاب ﴿قالوا﴾ راضين بما عندهم من داء الإعجاب، الموقع في كل ما عاب، ﴿سواء علينا أوعظت﴾ أي خوفت وحذرت وكنت علامة زمانك في ذلك بأن تقول منه ما لم يقدر أحد على مثله، دل على ذلك قوله :﴿أم لم تكن من الواعظين*﴾ أى متأهلاً لشيء نم رتبة الراسخين في الوعظ، معدوداً في عدادهم، مذكوراً فيما بينهم، فهو أبلغ من " أم لم تعظ " أو " تكن تعظ، والوعظ - كما قال البغوي : كلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٧٨
والمعنى أن الأمر مستو في الحالتين في أنا لا نطيعك في شيء ؛ ثم عللوا ذلك بقولهم :﴿إن﴾ أي ما ﴿هذا﴾ أى الذي جئتنا به ﴿إلا خلق﴾ بفتح الخاء وإسكان اللام في قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ﴿الأولين*﴾ أي كذبهم، أو ما هذا الذي نحن فيه غلا عادة الأولين في حياة ناس وموت آخرين، وعافية قوم وبلاء آخرين، وعليه تدل قراءة الباقين بضم الخاء واللام ﴿وما نحن بمعذبين*﴾ لأنا أهل قوة وشجاعة ونجدة وبراعة.


الصفحة التالية
Icon