ولما كان التقدير : فأغرقناهم أجمعين بأيسر سعي وأهون أمر فلم يبق منهم غير تطرف، ولم يرجع منهم مخبر، على كثرتهم وعظمتهم وقوتهم، عطف عليه تذكيراً به مسبباً عنه قوله :﴿فانظر﴾ ونبه على أن خبرهم مما تتوفر الدواعي على السؤال عنه لعظمته، فقال معبراً بأداة الاستفهام :﴿كيف كان﴾ وكان الأصل : عاقبتهم، أي آخر أمرهم، ولكنه أظهر فقال :﴿عاقبة المفسدين*﴾ ليدل على الوصف الذي كان سبباً لأخذهم تهديداً لكل من ارتكب مثله.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٢
٤١٣
ولما تم بهذه القصة الدليل على حكمته، توقع السامع الدلالة على علمه سبحانه، فقال مبتدئاً بحرف التوقع مشيراً إلى أنه لا نكير في فضل الآخر على الأول عاطفاً على ما تقديره : فلقد آتينا موسى وأخاه هارون عليهما السلام حكمة وهدى وعلماً ونصراً على ن خالفهما وعزاً :﴿ولقد آتينا﴾ أى بما لنا من العظمة ﴿داود وسليمان﴾ أي ابن داود، وهما من أتباع موسى عليهم اتلسلام وبعده بأزمان متطاولة ﴿علماً﴾ أي جزاء من العلم عظيماً من منطق الطير والدواب وغير ذلك لم نؤته لأحد قبلهما.
ولما كان التقدير : فعملا بمقتضاه، عطف عليه قوله :﴿وقالا﴾ شكراً عليه، دلالة على شرف العلم وتنبيهاً لأهله على التواضع :﴿الحمد﴾ أي الإحاطة بجميع أوصاف الكمال ﴿لله﴾ أى الذي لا مثل له وله الجلال والجمال ﴿الذي فضلنا﴾ أي بما آتانا من ذلك ﴿على كثير من عباده المؤمنين*﴾ أي اللذين صار الإيمان لهم خلقاً.