ثم استأنف بما أشار إليه حرف التوقع من شدة التشوف قائلاً :﴿قال﴾ أي صالح مستعطفاً في هدايته :﴿يا قوم﴾ أي يا أولاد عمي ومن فيهم كفاية للقيام بالمصالح ﴿لم تستعجلون﴾ أي تطلبون العجلة بالإتيان ﴿بالسيئة﴾ أي الحالة التي مساءتها ثابتة وهي العقوبة التي أنذرت بها من كفر ﴿قبل﴾ الحالة ﴿الحسنة﴾ من الخيرات التي أبشركم بها في الدنيا والآخرة إن آمنتم، والاستعجال : طلب الإتيان بالأمر قبل الوقت المضروب له.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٣٠
واستعجالهم لذلك للإصرار على سببه وقولهم استهزاء ﴿أئتنا بما تعدنا﴾ ﴿لولا﴾ أي هلا ولم لا ﴿تستغفرون الله﴾ أي تطلبون غفران الذي له صفات الكمال لذنوبكم السالفة بالرجوع إيه بالتوبة بإخلاص العبادة له ﴿لعلكم ترحمون *﴾ أي لتكونوا على رجاء من أن تعاملوا من كل من فيه خير معاملة المرحوم بإعطاء الخير والحماية من الشر، ثم استأنف حكاية جوابهم فقال :﴿قالوا﴾ فظاظة وغلظة مشبرين بالإدغام إلى أن ما يقولونه إنما يفهمه الحاذق بمعرفة الزجر وإن كان الظاهر خلافه بما أتاهم به من الناقة التي كان في وجودها من البركة أمر عظيم ؛ ﴿اطيرنا﴾ أي تشاءمنا ﴿بك وبمن معك﴾ أي وهو الذين آمنوا بك، فإنه وقع بيننا بسببكم الخلاف،
٤٣١
وكثر القيل والقال والإرجاف، وحصلت لنا شدائد واعتساف، لأنا جعلناكم مثل الطائر الذي يمر من جهة الشمال - على ما يأتي في الصافات ﴿قال طائركم﴾ أي ما تيمنون به فيثمر ما يسركم، أو تتشاءمون به فينشأ عنه ما يسوءكم وهو عملكم من الخير أو الشر ﴿عند الله﴾ أي الملك الأعظم المحيط بكل شيء علماً وقدرة، وليس شيء منه بيد غيره ولا ينسب إليه، فإن شاء جعلنا سببه وإن شاء جعل غيرنا.


الصفحة التالية
Icon