جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٣٣
ولما كان قوله :﴿شهوة﴾ ربما أوهم أنهم لا غنى بهم عن إتيانهم للشهوة الغلبة لكن النساء لا تكفيهم، لذلك نفى هذا بقوله :﴿بل﴾ أي إنكم لا تأتونهم لشهوة محوجة بل ﴿أنتم قوم﴾ ولما كان المقصود السورة إظهار العلم والحكمة، وكانوا قد خالفوا ذلك إما بالفعل وإما لكونهم يفعلون من الإسراف وغيره عمل الجهلة، قال :﴿تجهلون*﴾ أي تفعلون ذلك ذلك إظهاراً للتزين بالشهوات فعل المبالغين في الجهل الذين ليس لهم نوع علم في التجاهر بالقبائح خبثاً وتغليباً لأخلاق البهائم، مع ما رزقكم الله من العقول التي أهملتموها حتى غلبت عليها الشهوة، وأشار إلى تغاليهم في الجهل الذين ليس لهم نوع سببوا عن ذلك بقوله :﴿فما كان جواب قومه﴾ أي لهذا الكلام الحسن لما لم يكن لهم حجة في دفعه بل ولا شبهة ﴿إلا أن﴾ صدقوه في نسبته لهم إلى الجهل وافتخارهم به بما عدولاً إلى المغالبة وتمادياً في الخبث ﴿أخرجوا آل لوط﴾ فأظهر ما أضمره في الأعراف لأن الإظهار أليق بسورة العلم والحكمة وإظهار الخبء، وقالوا ؛ ﴿من قريتكم﴾ مناً عليه بإسكانه عندهم ؛ وعللوا ذلك بقولهم :﴿إنهم﴾ ولعلهم عبروا بقولهم :﴿أناس﴾ مع صحة المعنى بدونه تهكماً عليه لما فهموا من أنه أنزلهم إلى رتبة البهائم ﴿يتطهرون*﴾ أي يعدون أفعالنا نجسة ويتنزهون عنها.
فلما وصلوا في الخبث إلى هذا الحد، سبب سبحانه عن قولهم وفعلهم قوله :﴿فأنجيناه وأهله﴾ أى كلهم، أي من أن يصلوا إليه بأذى أو يلحقه شيء من عذابنا ﴿إلا امرأته﴾ فكأنه قيل : فما كان من أمرها ؟ فقيل :﴿قدرناها﴾ أي جعلناها بعظمتنا وقدرتنا
٤٣٥


الصفحة التالية
Icon