ولما قصر الفعل وضمنه ما يتعدى باللام لأجل الاختصاص قال :﴿لكم﴾ أي لأجلكم خاصة ﴿بعض الذي تستعجلون*﴾ إتيانه من الوعيد، فتطلبون تعجيله قبل الوقت الذي ضربه الله له، فعلى تقدبر وقوعه ماذا أعددتم لدفاعه ؟ فإن العاقل من ينظر في عواقب أموره، ويبنيها على أسوأ التقادير، فيعد لما يتوهمه من البلاء ما يكون فيه الخلاص كما فعلت بلقيس رضي الله عنها من الانقياد الموجب للأمان لما غلب على ظنها أن الإباء يوجب الهوان، لا كما فعل قوم صالح من الآبار، التي أعانت على الدمار، وغيرهم من الفراعنة.
ولما كان التقدير قطعاً : فأن ربك لا يعجل على أهل المعاصي بالانتقام مع القطع بتمام قدرته، عطف عليه قوله :﴿وإن ربك﴾ أي المحسن إليك بالحلم عن أمتك وترك المعاجلة لهم بالعذاب على المعاصي ﴿لذ فضل﴾ أي تفضل وإنعام ﴿على الناس﴾ أي كافة ﴿ولكن أكثرهم لا يشكرون*﴾ أي لا يوقعون الشكر له بما أنعم عليهم، ويزيدون في الجهل بالاستعجال.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٤٧
ولما كان الإمهال قد يكون من الجهل بذنوب الأعداء، قال نافياً لذلك :﴿وإن ربك﴾ أي والحال أنه أشار بصفة الربوبية إلى إمهالهم إحساناً إليه وتشريفاً له ﴿ليعلم﴾ أي علماً لا يشبه علمكم بل هو ي غاية الكشف لديه دقيقة وجليلة ﴿ما تكن﴾ أي تضمر وتستر وتخفي ﴿صدورهم﴾ أي الناس كلهم فضلاً عن قومك ﴿وما يعلنون*﴾ أي يظهرون من عداوتك فلا تخشهم، وذكر هذا القسم لأن التصريح أقر للنفس والمقام للأطناب، على أ، ه ربما كان في الإعلان لغط واختالط أصوت يكون سبباً للخفاء.
ولما كان ثبات علة الناس في الغالب مقيداً بالكتاب، قال تقريباً لأفهامهم :﴿وما من غائبة﴾ أي من هنة من الهنات في غاية الغيبوبة ﴿في السماء والأرض﴾ أي في أي
٤٤٨


الصفحة التالية
Icon