على الاستمرار، مستهيناً ﴿بآيتنا﴾ أي المرئية بعدم الاعتبار بها، والمسموعة بردها والطعن فيه على ما لها من العظمة بإضافتها إلينا ؛ وأشار إلى كثرتهم بقوله متسبباً عن العامل في الظرف من نحو : يكونون في ذل عظيم :﴿فهم يوزعون*﴾ أي يكف بأدنى إشارة منه أولهم على - آخرهم، وأطرافهم على أوساطهم، ليتلاحقوا، ولا يشذ منهم أحد، ولا يزالون كذلك ﴿حتى إذا جاءوا﴾ أي المكان الذي أراده الله لتبكيتهم ﴿قال﴾ لهم ملك الملوك غير مظهر لهم الجزم بما يعلمه من أحوالهم، في عادهم وضلالهم، بل سائلاً لهم إظهاراً للعدل بإلزامهم بما يقرون به من أنفسهم، وفيه إنكار وتوبيخ وتبكيت وتقريع :﴿أكذبتم﴾ أي ايها الجاهلون ﴿بآياتي﴾ على ما لها من العظم في أنفسها، وبإتيانها إليكم على ايدي أشرف عبادي ﴿و﴾ الحال أنكم ﴿لم تحيطوا بها علماً﴾ أي من غي فكر ولا نظر يؤدي إلى الإحاطة بها في معانيها وما أظهرت لأجله حتى تعلموا ما تتحقه ويليق بها بدليل لا مرية فيه ﴿أمّاذا كنتم﴾ أي في تلك الأزمان بما هو لكم كالجبلات ﴿تعلمون*﴾ فيها هل صدقتم بها أو كذبتم بعد الإحاطة بعلمها ؟ أخبروني عن ذلك كله! ما دهاكم حيث لم تشتغلوا بهذا العمل المهم ؟ فإن هذا - وعزتي - مقام العدل والتحرير، ولا يترك فيه قطمير ولا نقير، ولا ظلم فيه على أحد في جليل ولا حقير، ولا قليل ولا كثير، والسؤال على هذا الوجه منبه على الاضطرار إلى التصديق أو الاعتراف بالإبطال، لأنهم إن قالوا : كذبنا، فإن قالوا مع عدم الإحاطة كان في غاية الوضوح في الإبطال، وإن قالوا مع الإحاطة كان أكذب الكذب.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥١


الصفحة التالية
Icon