وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تضمن قوله سبحانه ﴿إنما أمرت أن أعبد رب هذه الذي حرمها﴾ - إلى آخر السورة من التخويف والترهيب والإنذر والتهديد لما انجرّ معه بأنه عليه الصلاة والسلام سيملك مكة البلدة ويفتحها الله تعالى عليه، ويذل عاة قريش ومتمرديهم، ويعز أتباع رسول الله ﷺ ومن استضعفته قريش من المؤمنين، اتبع سبحانه ذلك بما قصه على نبيه من تطهير ما أشار إليه من قصة بني إسرائيل وابتداء امتحانهم بفرعون، واستيلائه عليهم، وفتكه بهم إلى أن أعزهم الله وأظهرهم على عدوهم، وأورثهم أرضهم وديارهم، ولهذا أشار تعالى في كلا القصتين بقوله في الأولى ﴿سيريكم آياته فتعرفونها﴾ وفي الثانية بقوله :﴿وترى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾ ثم قص ابتداء أمر فرعون وحذره واستعصامه بقتل ذكور الأولاد ثم لم يغن عنه من قدر الله شيئاً، ففي حاله عبرة لمن وفق للاعتبار، ودليل على أنه سبحلنه المتفرد بملكه، يؤتي ملكه من يشاء، وينزعه ممم يشاء، لا يزعه وازع، ولا يمنعه عما يشاء مانع، ﴿قل الله مالك الملك﴾ وقد أصح قوله تعالى ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾ - الآية بما أشار إليه مجمل ما أوضحنا اتصاله من خاتمة النمل وفاتحة القصص، ونحن نزيده بياناً بذكر لمع من تفسير ما قصد التحامه فنقول : إن قوله تعالى معلماً لنبيه ﷺ وآمراً ﴿إنما أمرت أن أعبد﴾ إلى قوله :﴿سيريكم آيته﴾ لا خفاء بما تضمن ذلك من التهديد، وشديد الوعيد، ثم في قوله :﴿رب هذه البلدة﴾ إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام سيفتحها ويملكها، لأنه بلد ربه وملكه، وهو عبده ورسوله، وقد اختصه برسالته، وله كل شيء فالعباد والبلاد ملكه، ففي هذا من الإشارة مثل ما في قوله تعالى :﴿إن الذي فرض عليك القرآ، لرادّك إلى معاد﴾ وقوله تعالى :﴿وأن أتلو القرآن﴾ أي ليسمعوه فيتذكروا ويتذكر من سبقت له السعادة، ويخلظ