فيهلكهم الله بالغرق على يده إهلاك نفس واحدة، فيعم الحزن والنواح أهل ذلك الإقليم كله، فهذه اللام للعلة استعيرت الأسد للشجاع فأطلق عليه، فقيل : زيد أسد.
لأن فعله كان فلعه، والمعنى على طريق التهكم أنهم ما أخذوه إلا لهذا الغرض، لأنا نحاشيهم من الإقدام على ما يعلمون آخره أمره.
ولما كان لا يفعل إلا أحمق مهتور أو مغفل مخذول لا يكاد يصيب
٤٦٦
على ذلك بالأمرين فقال :﴿إن فرعون وهامان وجنودهما﴾ أي كلهم على طبع واحد ﴿كانوا خاطئين*﴾ أي دابهم تعمد الذنوب، والضلال عن المقاصد، فلا بدع في خطائهم في أن يربّوا من لا يذبحون الأبناء إلاّ من أجله، مع القرائن الظاهرة في أنه من بني إسرائيل الذين يذبحون ابناءهم ؛ قلا في الجمع بين العباب والمحكم : قال أبو عبيد : أخطأ وخطأ - لغتان بمعنى واحد، وقال ابن عرفة : يقال : خطأ في دينه وأخطأ - إذا سلك سبيل خطأ عامداً أو غير عامد.
وقال الأموي، المخطىء من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطىء : من تعمد ما لا ينبغي، وقال ابن ظريف في الأفعال : خطىء الشيء خطأ وأخطأه : لم يصبه.
ولما أخبر تعالى عن آخر أمرهم معه، تخفيفاً على السامع بجمع طرفي القصة إجمالاً وتشويقاً إلى تفصيل ذلك الإجمال، وتعجيلاً بالتعريف بخطائهم ليكون جهلهم الذي هو أصل شقائهم مكتنفاً لأول الكلام وآخره، أخبر عما قيل عند التتقاطه فقال عاطفاً على ﴿فالتقطه﴾ :﴿وقالت امرأة فرعون﴾ أى لفرعون لما أخرجته من التابوت، وهي التي قضي الله أن يكون سعادة، وهي آسية بنت مزاحم إحدى نساء بني إسرائيل - نقله البغوي :﴿قرت عين لي﴾ أي به ﴿ولك﴾ أى يا فرعون.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٤