ولما ذكر له هذا، أراد أن يعلمه أن الأمر بعد الشرط بينهما على المسامحة فقال :﴿وما اريد أن أشق عليك﴾ أي أدخل عليك مشقة في شيء من ذلك ولا غيره لازم أو غير لازم ؛ ثم أكد معنى المساهلة بتأكيد وعد الملاءمة فقال :﴿ستجدني﴾ ثم استثنى على قاعدة أولياء الله وأنبيائه في المراقبة على سبيل التنزل فقال :﴿إن شاء الله﴾ أى الذي له جميع المر ﴿من الصالحين*﴾ أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت وكل ما تريد من خير ﴿قال﴾ أي موسى عليه السلام ﴿ذلك﴾ أي الذي ذكرت من الخيار وغيره ﴿بيني وبينك﴾ أي كائن بيننا على حكم النصفة والعدل والسواء على ما ألزمتني به لازماً، وما أشرت إلى التفضل به إحساناً، وعليم ما ألزمت به نفسك فرضاً وفضلاً ؛ ثم بين وفسر ذلك بقوله :﴿إيما الأجلين﴾ أي أيّ أجل منهما : الثماني أو العشر ﴿قضيت﴾ أى عمكلت العمل المشروط على فيه خرجت به من العهدة ﴿فلا عدوان﴾ أي اتداء بسبب ذلك لك ولا لأحد ﴿عليّ﴾ أي في طلب أكثر منه لأنه كما لا تجب على الزيادة على العشر لا تجب عليّ الزيادة على الثمان، وكأنه أشار بنفي صيغة المبالغة إلى أنه لا يؤاخذ لسعة صدره وطهارة أخلاقه بمطلق العدو ﴿والله﴾ أي الملك الأعظم ﴿على ما نقول﴾ أى كله في هذا الوقت وغيره ﴿وكيل*﴾ أى شاهد وحفيظ قاهر عليه وملزم به في الدنيا واآخرة، فما الظن بما وقع بيننا من العهد من النكاح والأجر والأجل.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٧٧
٤٧٩