ولما كان هذا الاسم غيباً، تعرف بصفة هي مجمع الأفعال المشاهدة للإنسان فقال :﴿رب العالمين*﴾ أى خالق الخلائق أجمعين مربيهم ﴿وأن ألق عصاك﴾ أي لأريك فيها آية.
ولماكان التقدير : فألقاها فصارت في الحال حية عظيمة، وهي مع عظمها في غاية الخفة، بنى عليه قوله :﴿فلما رآها﴾ أي العصا ﴿تهتز كأنها﴾ أي فس سرعتها وخفتها ﴿جان﴾ أى حية صغيرة ﴿ولّى مدبراً﴾ خوفاً منها ولم يلتفت إلى جهتها، وهو معنى قوله :﴿ولم يعقب﴾ أى موسى عليه الصلاة والسلام، وذلك كناية عن شدة التصميم على الهرب والإسراع فيه خوفاً من الإدراك في الطلب فقيل له :﴿يا موسى أقبل﴾ أي التفت وتقدم إليها ﴿ولا تخف﴾ ثم أكد له الأمر لما الآدمي مجبول عليه من النفرة وإن اعتقد صحة الخبر بقوله :﴿إنك من الآمنيين*﴾ أي العريقين في الأمن كعادة إخوانك من المرسلين ؛ ثم زاد طمأنينته بقوله :﴿اسلك﴾ أي ادخلى علىالستقامة مع الخفة والرشاقة ﴿يديك في جيبك﴾ أي القطع الذي في ثوبك وهو الذي تخرج منه الرأس، أو هو الكم، كما يدخل السلك وهوالخيط الذي ينظم فيه الدرر، تنسلك على لونها وما هي عليه من أثر الحريق الذي عجز فرعون عن مداواته، وأخرجها ﴿تخرج بيضاء﴾ أى بياضاً عظيماً يكون له شأن خارق للعادات ﴿من غير سوء﴾ أى عيب من حريق أو غيره، فخرجت ولها شعاع كضوء الشمس، فالآية من الاحتباك.
ولما كان ذلك لا يكون آية محققة لعدم العيب إلا بعودها بعد ذلك إلى لون الجسد قال :﴿واضمم إليك﴾ أي إلى جسدك.
ولما كان السياق للتأمين من الخوف، عبر بالجناح، لأن الطائر يكون آمناً عند ضم جناحه فقال :﴿جناحك﴾ أي يديكالتي صارت بيضاء، والمراد بالجناح في آية طه الإبط والجانب لأنه لفظ مشترك ﴿من الرهب﴾
٤٨٣


الصفحة التالية
Icon