ولما نفى السبب المبدئي للعلم بذلك الإجمال ثم الفائي للعلم بتفصيل تلك الوقائع والأعمال، نفى السبب الفائي للعم بالأحكام ونصب الشريعة بما فيها من القصص والمواعظ والحلال والحرام والآصار والأغلال بقوله :﴿وما كنت بجانب الطو إذ﴾ أ يحين ﴿نادينا﴾ أى أوقعنا النداء لموسى عليه الصلاة والسلام فأعطيناه التوراة وأخبرناه بما لا يمكن الاطلاع عليه إلا من قبلنا أو قبله، ومن المشهور نك لم تطلع على شيء من ذلك من قبله، لأنك ما خالطت أحداً ممن حمل تلك الأخبار عن موسى عليه الصلاة والسلام، ولا أحد أحملهما عمن حملها عنه، ولكن ذلك كان إليك منا، وهو معنى قوله :﴿ولكن﴾ أى أنزلنا ما أردنا منه ومن غيره عليك وأوحينا إليك وأرسلناك به إلى الخلائق ﴿رحمة من ربك﴾ لك خصوصاً وللخلق عموماً ﴿لتنذر﴾ أى تحذر تحذيراً كبيراً ﴿قوماً﴾ أي أهل قوة ونجدة، ليس لهم عائق من أعمال الخير العظيمة، لا الإعراض عنك، وهم العرب، ومن في ذلك الزمان من الخلق ﴿ما آتاهم﴾ وعم المنفي بزيادة الجار في قوله :﴿من نذير﴾ أى منهم، وهم مقصودون بإرساله إليهم وإلا فقد أتتهم رسل موسى عليه السلام، ثم رسل عيسى عليه الصلاة والسلام، وإن صح أمر خالد بن سنان العبسي فيكون نبياً غير رسول، أو يكون رسولاً إلى قومه بني عبس خاصة، فدعاؤه لغيرهم إن وقع فمن باب الأمر بالمعروف عموماً، لا الإرسال خصوصاص، فيكون التقدير : نذير منهم عموماً، وزيادة الجار في قوله :﴿من قبلك﴾ تدل على الزمن القريب، وهو زمن الفترة، وأما ما قبل ذلك فقد كانوا فيه على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم إسماعيل عليه الصلاة والسلام ثم من بعدهم من صالحي ذريتهم إلى
٤٩٥


الصفحة التالية
Icon