ولما صارت هذه الأماكن بعد الخراب لا متصرف فيها ظاهراً إلا الله، ولا حاكم عليها فيما تنظره العيون سواه، وكان هذا أمراً عظيماً، وخطباً جسيماً، لأنه لا فرق فيه بين جليل وحقير، وصغير وكبير، وسلطان ووزير، دل على ضخامته بقوله مكرراً لمظهر العظمة :﴿وكنا﴾ أي أزلاً وأبداً ﴿نحن﴾ لا غيرنا ﴿الوارثين*﴾ بم يستعص علينا أحد وإن عظم، ولا تأخر عن مرادنا لحظة وإن ضخم، فليت شعري! اين أؤلئك الجبارون وكيف خلا دورهم، وعطل قصورهم ؟ المتكبرون أفنتهم والله كؤوس الحمام منوعة أشربه المصائب العظام، وأذلتهم مصارع الأيام، بقوة العزيز العلام، فيا ويح من لم يعتبر بأيامهم، ولم يزدجر عن مثل آثامهم.
٥٠٦
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠٠


الصفحة التالية
Icon