ولما كان علم الخفي لا يستلزم علم الجلي إما لبعد أو لغط أو اختلاط أصوات يمنع تمييز بعضه عن بعض أو غير ذلك قال :﴿وما يعلنون*﴾ أي يظهرون، كل ذلك لديه سواء، فلا يكون لهم مراد إلا بخلقه، ولما كان علمه بذلك إنما هولكونه إلهاً، وكان غيره لا يعلم من علمه إلا ما علمه، عبر عن ذلك بقوله :﴿وهو الله﴾ أي المستأثر بالإلهية الذي لا سمي له، الذي لا يحيط الوصف من عظمته بأكثر من أنه عظيم على الإجمال، وأما التفاصيل كلها أو أقلها فهيهات هيهات ؛ ثم شرح معنى الاسم الأعظم بقوله ﴿لا إله إلا هو﴾ ثم علل ذلك بقوله :﴿له﴾ أي وحده ﴿الحمد﴾ أي الإحاطة بأوصاف الكمال ﴿في الأولى والأخرة﴾ وليس ذلك لشيء سواه إن آمنوا أو كفروا ﴿وله﴾ أي وحده ﴿الحكم﴾ أي إمضاء القضاء على الإطلاق، فلو أراد لقسرهم على الإيمان ﴿وإليه﴾ أي لا إلى غيره ﴿ترجعون*﴾ أي بأيسر أمر يوم النفخ في الصور، لبعثرة القبور، بالعث والنشورن ومع أنكم الآن أيضاً راجعون في جميع أحكامكم إليه ومقصورون عليه، إن شاء أمضاها، وإن أراد ردها ولواها، ففي الايات غاية التقوية لقلوب المطيعين، علماً بكل المعلومات، منزهاً عن النقائص والافات يجزي الطائعين والعاصين بالقسط.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥١٠
٥١٣


الصفحة التالية
Icon