ولما تحرر الفرق بين أهل الدارين، وكان لا بد من إتيان الآخرة، وعلم أن الآخرة إنما هي جزاء الأعمال، وتقرر من كونها للخائفين أنها على الآمنين، فاستؤنف تفصيل ذلك جواباً لمن كأنه قال : ما لمن أحسن ومن أساء عند القدوم ؟ بقوله :﴿من جاء﴾ أي في الآخرة أو الدنيا ﴿بالحسنة﴾ أي الحالة الصالحة ﴿فله﴾ من فضل الله ﴿خير منها﴾ من عشرة أضعاف إلى سبعين إلى سبعمائة إلى ما لا يحيط به الله تعالى ﴿ومن جاء بالسيئة﴾ وهي ما نهى الله عنه، ومنه إخافة المؤمنين ﴿فلا يجزي﴾ من جاز ما، وأظهر ما في هذا الفعل من الضمير العائد على من فقال :﴿الذين عملوا السيئات﴾ تصويراُ لحالهم تقبيحاً لها وتنفيراً من عملها، ولعله جمع هنا وأفرد أولاً إشارة إلى أن المسيء أكثر ﴿إلا﴾ مثله سواء عدلاً منه تعالى، هكذا كان الصل، ولكنه قال :﴿ما كانوا﴾ أي بجميع هممهم ﴿يعملون*﴾ مبالغة في المثلية، هذا في الآخرة، وزادت الآية الإشارة إلى أنه يفعل في الدنيا مثل ذلك وإن خفي، فسيخافون في حرمهم بما أخافوا المؤمنين فيه وقد جعله الله للأمن، فاعتلوا عن الدخول في دينه بخوف التخطف
٥٢٨
من أرضهم، فسيصير عدم دخولهم فيه سبباً لخوفهم وتخطفهم من أرضهم فيعلمون أن ما كانو فيه من الأمن إنما هو بسببك، ثم يصيرون يوم الفتح في قبضتك.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٧


الصفحة التالية
Icon