ولما كان التقدير : فالين آمنوا بآيات ربهم ولقائه أولئك يرجون رحمتي وأرلئك لهم نعيم مقيم، وكان قد أمرهم بالاستدلال، وهددهم ليرجعوا عن الضلال، بم أبقى للرجال بعض المحال، اتبعه ما قطعه، فقال عاطفاً على ذلك المقدر :﴿والذين كفروا﴾ أي ستروا ما أظهرته لهم أنوار العقول ﴿بآيات الله﴾ أي دلائل الملك الأعظم المرئية والمسوعة التي لا أوضح منها ﴿ولقائه﴾ بالبعث بعد الموت الذي اخبر به وأقام الدليل على قدرته عليه بما لا أجلى منه ﴿أؤلئك﴾ أي البعداء البغضاء البعيدو الفهم المحطوطون عن رتبة الإنسان، بل رتبة مطلق الحيوان ﴿يئسوا﴾ أي تحقق يأسهم من الآن، بل من الأزل، لأنهم لم يرجوا لقاء الله يوماً ؛ ولا قال أحد منهم ﴿رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٤٧
ولما كان أكثرهم متعنتاً، بين أن المتكلم بهذا الكلام، العالي عن متناول الأنام،
٥٤٩
هو الله المنوه باسمه في هذا النظام، بالالتفات إلى أسلوب التلكم، تنبيهاً لمفات السامعين بما ملأ الصدور ةقصم الظهور فقال :﴿من رحمتي﴾ أي من أن أفعل بهم من الإكرام بدخول الجنة وغيرها فعل الراحم ؛ وكرر الإشارة تفخيماً للأمر فقال :﴿أولئك﴾ أي الذين ليس بعد بعدهم بعد، وتهكم بهم في التعبير بلام الملك التي يغلب استعمالهما في المحبوب فقال :﴿لهم عذاب إليم*﴾ أي مؤلم بالغ إيلامه في الدنيا والآخرة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٤٧


الصفحة التالية
Icon