أحاط بهم علم العالمين بإعلام الله، ومن حكم إحاطة كتابة كان ممكناً من عالية كل ىية جاء بها نبي قبله ممن شاهد ذلك منه حاضروه، ونقله نقل التواتر والاستفاضة حمله العلم خلفاً عن سلف ؛ ثم رتب قياساً على إثبات النبوة فقال : إن محمداً ﷺ ذو ىية هذا القرآن المشهود، وهذا القرآن المشهود معجز كل ذي إدراك، وبشرى من كل جهة من جهات معاينه وبلاغته، فو آية هذا القرآن نبي، فمحمد ﷺ نبي، أما أن ﷺ ذو أيته فبالتجرية السمعية المتيقتة المسماة بالتواتر، وأما أن هذا القرآن معجز فيما يجده كل ناظر في معناه المشتمل على تمام الحكمة فيما
٥٦٩
هو كائن ونبأ ما كان من قبل وخبر ما يكون بعد المتيقن بوقوع أوائله وقوع جملته وصحة خبره، وبذلك يتضح أن ذا آيته نبي، ثم بما تضمنه من شهادته لذي آيته وتصريحه بذلك لمحمد ﷺ، فصح أن محمداً ﷺ ذو ايته ؟، وإنه نبي ﷺ، والمستعمل في ذلك أن محمداً ﷺ تحدى بهذا القرآن العرب الفصحاء واللد البلغاء، فلما لجؤوا للحرب وضح أنهم فروا لذلك المكان ما وجدوه في أنفسهم من العجز، وإذا عجز أؤلئك فمن بعدهم أحق بالعجز، فلما شمل العجز الكل من الخلق، وجب العلم بأن هذا القرآن حقن والمتحدي به نبي جاء بالصدق، وحاصله : لو لم تعجز العرب لم تحارب ثقل الحرب وخفة المعارضة لو استاطاعوان ولم يعارضوا وحاربوا فقد عجزوا، فثبت بذلك أنه نبي ﷺ انتهى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٦٨
ولما كان من المعلوم أنهم يقولون : نحن لا نصدق أن هذا الكتاب من عند الله فضلاً عن أن نكتفي به، قال :﴿قل﴾ أى جواباً لما قد يقولونه من نحو هذا :﴿كفى بالله﴾ أي الحائز لجميع العظمة وسائر الكمالات، الذي شهد لي بالرسالة في كتابة الذي أتبت أنه كلامه عجز الخلق عن معارضته.


الصفحة التالية
Icon