﴿من السماء ماء﴾ بعد أن كان مضبوطاً في جهة العلو ﴿فأحيا﴾ ولما كان أكثر الأرض يحيى بماء المطر من غير حاجة إلى سقي، قدم الجار فقال ﴿به الأرض﴾ الغبراء، وأشار بإثبات الجار إلى قرب الإنبات من زمن الممات، وإلى أنهم لا يعلمون إلى الجزئيات الموجودة المحسوسة، ولا تنفذ عقلولهم إلى الكليات المعقولة نفوذ اهل الإيمان ليعلموا أن ما أوجد سبحانه بالفعل في وقت فهو موجود إما بإيجاده إذا أراد، فالأرض حية بإحيائه سبحانه بسبب المطر في جميع الزمن الي هو بعد الموت بالقوة كما أنها حية في بعضها بالفعل فقال :﴿من بعد موتها﴾ فصارت خضراء تهتز بعد أن لم يكن بها شيء من ذلك، وأكد لمثل ما تقدم من التنبيه على أن حالهم في إنكار البعث حال من أن ينكر أن يكون الله صانع ذلك، لملازمة القدرة عليه القدرة على البعث بقوله :﴿ليقولن الله﴾ وهو الذي الكمال كله، فلزمهم توحيده.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٧٣