وذكر القصة أبو حيان في تفسيره البحر وزاد عن مجاهد أن التقاءهم لما ظهرت فارس كان في الجزيرة، وعن السدي أنه كان بأرض الأردن وفلسطين، وأن ابا في بكر رضي الله عنه لما اراد الهجرة طلب منه ابي خلف كفيلاً بالخطر الذي كان بينهما في ذلك، فكفل به ابنه عبد الرحمن رضي الله عنه، فلما اراد أبي الخروج إلى أحد طلبه عبد الرحمن بالكفيل، فأعطاه كفيلاً وهلك أبي من جرح جرحه النبي صلى الله عليه وسلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٨٢
وقال ابن الفرات في تأريخه : كان بين كسرى أنوشروان وبين ملك الروم هدنة، فوقع بين رجلين من أصحابهما فبغى الرومي على الفارسي، فأرسل كسرى إلى ملك الروم بسببهن فلم يحفل برسالته، فغزاه كسرى في بضع وسبعين الف مقاتل فأخذ مدينة دارا والرها ومنبج وقنسرين وحلب وأنطاكية - وكانت أفضل مدينة بالشام - وفامية وحمص ومدناً كثيرة، واتحتوى على ما كان فيها.
وسبى أهل أنطاكية ونقلهم إلى أرض السواد، وكان ملك الروم يؤدي إليه الخراج، ولم يزل مظفراً منصوراً، تهابه الأمم، ويحضر بابه من وفودهم عدد كثير من الترك والصين والخزر ونظائرهم، وقال أيضاً في ملك أبرويز بن هرمز بن أنوشروان : وكان شديد الفطنة، قوي الذكاء، بعث الأصبهبذ - يعني شهربراز -
٥٨٧
مرة إلى الروم فأخذ خزائن الروم، وبعث بها إلى كسرى، فخاف كسرى أن يتعغير عليه الأصبهبذ، لما قد نال من الظفر فبعث بقتله، فجاء الرجل إليه فرأى من عقله وتدبيره ما منعه من قتله وقال : مثل هذا لا يقتل، وأخبره ما جاء لأجله، فبعث إلى قيصر ملك الروم : إني اريد أن ألقاك، فالتقيا فقال له : إن الخبيث قد هم بقتلي، وإني أريد إهلاكه، فاجعل لي من نفسك ما أطمئن إليهن، أعطيك من بيوت أمواله مثل ما أصبت منك.
فأعطاه المواثيق، وسار قيصر في أربعين ألف مقاتل، فنزل بكسرى، فعلم كسرى كيف جرى الحال، فدعا قساً نصرانياً، يعني وكتب معه كتاباً.