وأعطاه ألف دينار، قال : نعم! قال كسرى : فإنك تجتاز بإخواك النصارى فأخفه، قالك نعم، فلما ولى عنه الراهب قال له كسرى : أعلمت ما في الكتاب ؟ قال : لا، قال : فلا تحمله حتى تعلم ما فيه، فلما قرآه أدخله في جيبه ثم مضى، فلما صار في عسكر الروم نظر إلى الصلبان والقسيسن وضجيجهم بالتقديس والصلوات فاحترق قلبه لهم واشفق مما خاف أن يقع بهم وقال في نفسه : أنا شر الناس إن حملت بيدي حتف النصرانية وهلاك هؤلاء القوم، فصاح : أنا لم يحملني كسرى رسالة ولا معي له كتاب، فأخذوه فوجدوا الكتاب معه، وقد كان كسرى وجّه رسولاً قبل ذلك اختصر الطريق حتى مر بعسكر الروم كأنه رسول إلى كسرى من صاحبه الذي طابق ملك الروم ومعه كتاب فيه أن الملك قد كان أمرني بمقارنة ملك الروم وأن أختدعهوأخلي له الطريق فيأخذه الملك من أمامه وآخذه أنا من خلفه، وقد فعلت ذلك، فرأى الملك في إعلامي وقت خروجه إليه، فأخذ ملك الروم الرسول وقرأ الكتاب وقال : عجبت أن يكون هذا الفارسي أدهن إلى كسرى، ووافاه أبرويز فيمن أمكنه من جنده، فوجد ملك الروم قد ولى هارباً، فأتبعه يقتل وياسر من أدرك، وبلغ الأصبهبذ هزيمة الروم فأحب ان يخلي نفسه ويستر ذنبه لما فاته ما دبر، فخرج خلف الروم الهاربين فلم يسلم منهم إلا قليل.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٨٢
وقال ابن الفرات : وخرج القس بالكتاب وأوصله إلى قيصر فقال : ما اراد غلا هلاكنا، وانهزم فاتبعه كسرى فنجا في شرذمة يسيرة، وافتتح كسرى أبرويز عدة من بلاد أعدائه، وبلغت خيلة القسطنطينية وإفريقية.