ذي القعدة سنة ست من الهجرة، وكما قلنا : كان نزول الآية قبلالهجرة بشهرين ونحوهما، صح أن نصر الروم كلان عند دخول السنة السابعة من نزول الآية كما في رواية الترميذي عن نيار رضي الله عنه، وكان الموافق لعدد البضع سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة من الهجرة، وفيها غلب شخص من الروم، وذلك أن الظاهر خشقدم مات في ربيع الأول سنة اثنين وسبعين وثمانمائة من الهجرة، فولى بعده الأمير الكبير يلبيه وهو من الشراكسة، فلم ينتظم له الأمر، فخلع في جمادى الأولى منها، وولى الأمير الكبير تمربغا ولقب الظاهر وهو رومي، فكان ذلك من الآيات الباهرات إن وافق هذا الأمر العدد المذكور على كلتا الوايتين : وراية من قال : إن التصر كان يوم بدرن ورواية من
٥٩٤
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٨٢
قال : يوم الحديبية، ولولا ولاية يلبيه ما صح إلا أحدهما، إن في ذلك لعبرة، هذا إن عددنا آحاد السنين، وإن عددناها مئات فهو في بضع منها، فإنه في المائة التاسعة كما اشار إليه الأستاذ ابو الحكم عبد السلام بن برجان في تفسيره فقال : حكمة الله جل ذكره في دوئر التقدير أن يرجع فيها أواخر الكلم عن أوائلها، ومن الدوائر مقدرةن ومنها موسعة على مقدرا مشيئة الله فيها وبها، ولما اخبر الله تعالى عن الروم أنهم غلبوا في أدنى الأرض وهي بلد الشام، كان إخباراً منه عما يكون - والله أعلم - وبشارة بشر بها رسول الله ﷺ والمؤمنين أن ذلك سيكون، يعني أن معنى " غلبت " مبنياً للمفعول إن كان بالنسبة إلى فارس كان المعنى وقع غلبها، وإن كان بالنسبة للمسلمين كان المعنى : قرب زمان غلبها على أيدي المسلمينن ثم قال : فكان ذلك في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، غلبهم في بلاد الشام، واستخرج بيت المقدس عن أيديهم.


الصفحة التالية
Icon