ولما كان لون السماء واحداً، وألوان الأراضي يمكن حصرها، قال :﴿وألوانكم﴾ أى اختلافاً مع تفاوته وتقاربه لا ضبط له مع وحدة النسبة، ولولا هذا الاختلاف ما وقع التعارف، ولضاعت المصالح، وفاتت المنافع، وطوي سبحانه ذكر الصور لاختلاف صور النجوم باختلاف أشكالها، والأراضي بمقادير الجبال والروابي وأحوالها، فلو كان الاختلاف لأجل الطبيعة فإما أن يكون بالنظر إلى السماء أو إلى الأرض، فإن كان للسماء فلونها واحد، وإن كان للأرض فلون اهل كل قطر غير مناسب للون أرضهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦١٢
وأما الألسنة فأمرها أظهر.
ولما كان هذا مع كونه في غاية الوضوح لا يختص بجنس من الخلق دون غيره قال :﴿إن في ذلك﴾ أى الأمر العظيم العالي الرتبة في بيانه وظهور برهانه ﴿لآيات﴾ أي دلالات عدة واضحة جداً على وحدانيته تعالى وفعله بالاختيار وبطلان ما يقوله أصحاب الطابئع من تلك الاحتمالات التي هي مع خفائها واهية، ومع بعدها مضمحلة متلاشية ﴿للعالمين*﴾ كلهم لا يختص به صنف منهم دون آخر من جن ولا إنس ولا غيرهم، وفي رواية حفص عن عاصم بكسر اللام حث للمخاطبين على النظر ليكونوا من أهل العلم، وفي قراءة الباقين بالفتح إيماء إلى أن ذلك من الوضوح بحيث لو نطق الجماد لأخبر بمعرفته، ففيه إشارة إلى ـ، هم عدم، فلا تبكيت أوجع منه.
٦١٤
ولما ذكر المقلة والمظلة ومن فيهما، وبعض صفاتهم اللازمة، ذكر ما ينشأ عن كل من ذلك من الصفات المفارقة فقال :﴿ومن آياته﴾ أي على ذلك وغيره من أنواع القدرة والعلم ﴿منامكم﴾ أي نومكم ومكانه وزمانه الذي يغلبكم بحيث لا تستطيعون له دفعاً.


الصفحة التالية
Icon