وأعرق في النفي فقال :﴿من ناصرين*﴾ أي من الأصنام ولا غيرها يخلصونهم مما هم فيه من الخذلان وأسر الشيطان، ومما يسببه والنيرانونفى الجميع دون الواحد لأن العقل ناصر لهم بما هو مهيأ له من الفهم واتباع دليل السمع لو استعملوه، أو لأنه ورد جواباً لنحو ﴿واتخذوا من دون اله آلهة ليكونوا لهم عزاً لعلهم ينصرون﴾ [مريم : ٨١] أو للإشارة إلى أن تتبع الهوى لا ينفع في تلافي أمره إلا أعوان كثيرون ودل على نفي الواحد ﴿ا تجزي نفس عن نفس﴾ [البقرة : ١٢٣]، و﴿أن الكافرين لا مولى لهم﴾ [محمد : ١١] و﴿فما له من قوة ولا ناصر﴾ [الطارق : ١٠] في أمثالها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦١٩
ولما تحررت الأدلة، وانتصبي الأعلام، واتضحت الخفايا، وصرحت الإشارات، وأفصحت ألسن العبارات، اقبل على خلاصة الخلق، إيذاناً بأنه لا يفهم ذلك حق فهمه غيره، فقال مسبباً عن ذلك ممثلاً لإقباله واستقامته وثباته :﴿فاقم وجهك﴾ أى قصدك كله ﴿للدين﴾ أي نصباً بحيث تغيب عما سواه، فلا تلتفلت عنه أصلاً فلا تنفك عن المراقبة، فإن من اهتم بشيء سدد إليه نظره، وقوم له وجهه.