ولما كانوا أجمد الناس، أشار سبحانه بكونهم لم يبادروهم بأنفسهم الجواب بما يدل على المناب إلى جمودهم بالعطف على ما علم أن تقديره جواباً من كل ذي بصيرة : لا يعصمهم أحد من دونه من شيء من ذلك، ولا يصيبهم بشيء منه، فقال :﴿ولا يجدون﴾ أي في وقت من الأوقات ﴿لهم﴾ ونبه على أنه لا شيء إلا وهو في مثبتاً الجار :﴿من دون الله﴾ وعبر بالاسم العلم إشارة إلى إحاطته بكل وصف جميل، فمن أين يكون لغيره الإلمام بشيء منها إلا بإذنه ﴿ولياً﴾ يوالهم فينفعهم بنوع نفع ﴿ولا نصيراً*﴾ ينصرهم من أمره فيرد ما أراده من السوء عنهم.
ولما أخبرهم سبحانه بما علم مما أوقعوه من أسرارهم، وأمره ﷺ بوعظهم، حذرهم بدوام عمله لمن يخون منهم، فقال محققاً مقرباً من الماضي ومؤذناً بدوام هذا الوصف له :﴿قد يعلم﴾ ولعله عبر بـ " قد " التي ربما أفهمت في هذه العبارة التقليل، إشارة إلى أنه يكفي من له أدنى عقل في الخوف من سطوة المتهدد احتمال علمه، وعبر بالاسم الأعظم فقال :﴿الله﴾ إشارة إلى إحاطة الجلال والجمال ﴿المعوقين﴾ أي المثبطين تثبيط تكرية وعقوق، يسرعون فيه إسراع الواقع بغير اختياره ﴿منكم﴾ أي أيها الذين أقروا بالإيمان للناس قاطبة عن إيتان حضرة الرسول ﷺ ﴿والقائلين لإخوانكم هلم﴾ أي ائتوا وأقبلوا ﴿إلينا﴾ موهمين أن ناحيتهم مما يقام فيه القتال، ويواظب على صالح الأعمال ﴿ولا﴾ أي والحال أنهم لا ﴿يأتون الباس﴾ أي الحرب أو مكانها ﴿إلا قليلاً﴾ للرياء والسمعة بقدر ما يراهم المخلصون، فإذا اشتغلوا بالمعاركة وكفى كل منهم ما إليه تسللوا عنهم لواذاً، وعاذوا بمن لا ينفعهم من الخلق عياذاً.
٧٦


الصفحة التالية
Icon