ولما عبر بالمضارع المقتضي لدوام التجدد اللازم منه دوام الاتصاف الناشئ عن المراقبة لأنه في جبلته، أنتج ان يقال : فأسى رسول الله ﷺ تصديقاً لما في جبلته من الرجاء، فعطف عليه، أو على " كان " المقتضيه للرسوخ قوله :﴿وذكر الله﴾ الذي له صفات الكمال، وقيده بقوله :﴿كثيراً﴾ تحقيقاً لما ذكر من معنى الرجاء الذي به الفلاح، وأن المراد منه الدائم في حالي السراء والضراء.
ولما أخبر عما حصل في هذه الوقعة من الشدائد الناشئة عن الرعب لعامة الناس، وخص من بينهم المنافقين بما ختمه بالملامة في ترك التأسي بمن أعطاء الله قيادهم، وأعلاه عليهم في الثبات والذكر، وختم بما يثمر الرسوخ في الدين، ذكر حال الراسخين في أوصاف الكمال المتأسين بالداعي، المتفقين للهادي، فقال عاطفاً على ﴿هنالك ابتلى المؤمون﴾ :﴿ولما رأى المؤمنون﴾ أي الكاملون في الإيمان ﴿الأحزاب﴾ الذين أدهشت رؤيتهم القلوب ﴿قالوا﴾ أي مع ما حصل لهم من الزلزال
٧١
وتعاظم الأخوال :﴿هذا﴾ أي الذي نراه من الهول ﴿ما وعدنا﴾ من تصديق دعوانا الإيمان بالبلاء والامتحان ﴿الله﴾ الذي له الأمر كله ﴿ورسوله﴾ المبلغ عنه في نحو قوله :﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم﴾ [البقرة : ٢١٤] ﴿أحسب الناس أن يتركوا﴾ [العنكبوت : ٢] ﴿أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾ [التوبة : ١٦] وأمثال ذلك، فسموا المس بالبأساء والضراء، والابتلاء بالزلزال والأعداء، وعداً لعملهم بما لهم عليه عند الله، ولا سيما في يوم الجزاء، وما يعقبه من النصر، عند اشتداد الأمر.


الصفحة التالية
Icon