ولما ذكر الناطق بقسميه، ذكر الصامت فقال :﴿وأوثكم أرضهم﴾ من الحدائق وغيرها ؛ ولما هم خص بقوله :﴿وديارهم﴾ لأنه يحامي عليها ما لا يحامي على غيرها ؛ ثم عم بقوله :﴿وأموالهم﴾ مما تقدم ومن غيره من النقد والماشية والسلاح والأثاث وغيرها، فقسم ذلك رسول الله ﷺ للفارس ثلاثة أسهم : الفرس سهمان وقعت المقاسم ومضت السنة في المغازي، واصطفى رسول الله ﷺ من سباياهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة.
إحدى نساء بني عمرو بن قريظة، فتلبثت قليلاً، ثم أسلمت، فأراد رسول الله ﷺ : أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت : يا رسول الله! بل تتركني في ملكك فهو أخف عليّ وعليك، فتركها حتى توفي عنها في ملكه رضي الله عنها.
٩٦
ولما كانت هذه الغزوة طار رعبها في الآفاق، وأذلت أهل الشرك من الأميين وغيرهم على الإطلاق، ونشرت ألوية النصر فخفقت أعلامها في جميع الآفاق، وأغمدت سيف الكفر وسلت صارم الإيمان للرؤوس والأعناق، حتى قال النبي ﷺ وهو أبصر الناس بالحروب، وأنفذهم رأياً لما له من الثبات عند اشتداد الكروب :"الآن نغزوهم ولا يغزونا" عليها وإعطائكم القوة القريبة ومن فتحها، وهي أرض خيبر أولاً، ثم أرض مكة ثانياً ثم أرض فارس والروم وغيرهما مما فتحه الله بعد ذلك، وكان قد حكم به في هذه الغزوة حين أبرق تلك البرقات للنبي ﷺ في حفر الخندق، فأراه في الأولى اليمن، وفي الأخرى فارس، وفي الأخرى الروم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩٥


الصفحة التالية
Icon