فخيرهن فاخترنه رضي الله عنهن، وسبب ذلك أن منهن من سأل التوسع في النفقة، وقد كان النبي ﷺ لا يحب التوسع في الدنيا، روى الشيخان رضي الله عنهما عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما شبع آل محمد ﷺ، من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله ﷺ، ، وروى الحديث البيهقي ولفظه : قالت : ما شبع رسول الله ﷺ ثلاثة أيام متوالية ولو شئنا لشبعنا، ولكنه كان يؤثر على نفسه، وروى الطبراني في الأوسط عنها أيضاً رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ :"من سأل عني أو سره أن ينظر إلي فلينظر إليّ أشعث شاحب لم يضع لبنة على لبنة وا قصبة على قصبة، رفع له علم فشمر إليه، اليوم المضمار وغداً السباق، والغاية الجنة أو النار " ولما كان الله سبحانه قد أمضى حكمته في هذه الدار في أنه لا يقبل قول إلا ببيان، قال سبحانه متهدداً على ما قد أعاذهن الله منه، فالمراد منه بيان أنه رفع مقاديرهن، ولذلك ذكر الأفعال المسندة إليهن اعتباراً بلفظ " من " والتنبيه على غلط من جعل صحبه الأشراف دافعة للعقاب على الإسراف، ومعلمة بأنها إنما تكون سبباً للإضعاف :﴿يا نساء النبي﴾ أي المختارات له لما بينه وبين الله مما يظهر شرفه ﴿من يأتِ﴾ قراءة شاذة نقلها وكذا " يقنت " ﴿منكن فاحشة﴾ أي من قول أو فعل كالنشوز وسوء الخلق باختيار الحياة الدنيا وزينتها على الله ورسوله أو غير ذلك ﴿مبينة﴾ أي واضحة ظاهرة في نفسها تكاد تنادي بذلك من سوء خلق ونشوز أو غير ذلك ﴿يضاعف لها العذاب﴾
٩٩
أي بسبب ذلك، ولما هول الأمر بالمفاعلة في قراءة نافع المفهمة لأكثر من اثنين كما مضى في البقرة، سهله بقوله :﴿ضعفين﴾ أي بالنسبة إلى ما لغيرها لأن مقدارها لا يعشره مقدار غيرها كما جعل حد الحر ضعفي ما للعبد، وكما جعل أجرهن مرتين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩٧


الصفحة التالية
Icon