ولما أمرهن بلزوم البيوت للتخلية عن الشوائب، أرشدهن إلى التحلية بالرغائب، فقال :﴿وأقمن الصلاة﴾ أي فرضاً ونفلاً، صلة لما بينكن وبين الخالق لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴿وآتين الزكاة﴾ إحساناً إلى الخلائق، وفي هذا بشارة بالفتوح وتوسيع الدنيا عليهن، فإن العيش وقت نزولها كان ضيقاً عن القوت فضلاً عن الزكاة.
واما أمرهن بخصوص ما تقدم لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية، ومن اعتنى بهما حق الاعتناء جرتاه إلى ما وراءهما، عم وجمع في قوله :﴿إنما يريد الله﴾ أي وهو ذو الجلال والجمال بما أمركم به ونهاءكم عنه من الإعراض عن الزينة وما تبعها، والإقبال عليه، عزوفكم عن الدنيا وكل ما تكون سبباً له ﴿ليذهب﴾ أي لأجل أن يذهب ﴿عنكم الرجس﴾ أي الأمر الذي يلزمه دائماً الاستقرار والاضطراب من مذام الأخلاق كلها ﴿أهل﴾ يا أهل ﴿البيت﴾ أي من كل من تكون من إلزام النبي ﷺ من الرجال والنساء من الأزواج والإماء والأقارب، وكلما كان الإنسان منهم أقرب وبالنبي ﷺ أخص وألزم، كان بالإدارة أحق وأجدر.
١٠٢
ولما استعار للمعصية الرجس، استعار للطاعة الطهر، ترغيباً لأصحاب الطباع السليمة والعقول المستقيمة، في الطاعة، وتنفيراً لهم عن المعصية فقال :﴿ويطهركم﴾ أي يفعل في طهركم بالصيانة عن جميع القاذورات الحسية والمعنوية فعل المبالغ فيه، وزاد ذلك عظماً بالمصدر فقال :﴿تطهيراً﴾.
ولما ذكر ذلك إلى أن ختم بالتطهير، أتبعه التذكير بما أنعم سبحانه به مما أثره التطهير من التأهيل لمشاهدة ما يتكرر من تردد الملائكة بنزول الوحي الذي هو السبب في كل طهر ظاهر وباطن، فقال مخصصاً من السياق لأجلهن رضي الله عنهن، منبهاً لهن على أن بيوتهن مهابط الوحي ومعادن الأسرار :﴿واذكرن﴾ أي في أنفسكن ذكراً دائماً، واذكرنه لغيركن على جهة الوعظ والتعليم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٠١


الصفحة التالية
Icon