ولما كان المراد كل مؤمن، والعبارة صالحة له، وكان النفي عن المجموع كله نفياً عما قل عنه من باب الأولى، قال :﴿أن تكون﴾ أي كوناً راسخاً على قراءة الجماعة بالفوقانية، وفي غاية الرسوخ على قراءة الكوفيين بالتحتانية ﴿لهم﴾ أي خاصة ﴿الخيرة﴾ مصدر من تخير كالطيرة من تطير على غير قياس ﴿من أمرهم﴾ أي الخاص بهم باستخارة لله ولا بغيرها ليفعلوا خلاف ذلك القضاء، فإن المراد بالاستخارة ظن ما اختاره الله، ولا بغيرها ليفعلوا خلاف ذلك القضاء، فإن المراد بالاستخارة ظن ما اختاره الله، وإخبار النبي ﷺ قطعي الدلالة على ما اختاره الله تعالى، وفي هذا عتاب لزينب رضي الله عنها على تعليق الإجابة للنبي ﷺ عند ما خطبها لنفسه الشريفة على الاستخارة، وعلى كراهتها عند ما خطبها لزيد مولاه، ولكنها لما قدمت بعد نزول الآية خيرته ﷺ في تزويجها من زيد رضي الله عنهما على خيرتها، عوضها الله أن صيرها لنبيه ﷺ ومعه في الجنة في أعلى الدرجات، فالخيرة للنبي ﷺ لأنه لا ينطق عن الهوى، فمن فعل غير ذلك فقد قضى النبي ﷺ، ومن عصاه عصى الله لأنه لا ينطق إلا عنه ﴿ومن يعص الله﴾ أي الذي لا أمر لأحد معه ﴿ورسوله﴾ أي الذي معصيته معصيته لكونه بينه وبين الخلق في بيان ما أرسل به إليهم ﴿فقد ضل﴾ وأكده المصدر فقال :﴿ضلالاً﴾ وزاده بقوله :﴿مبيناً﴾ أي لا خفاء به، فالواجب على كل أحد أن يكون معه ﷺ في كل ما يختاره وإن كان فيه أعظم المشقات عليه تخلفاً بقول الشاعر حيث قال :
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي متأخر عنه ولا متقدم وأهنتني فأهنت نفسي عامداً ما من يهون عليك ممن يكرم
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٠٦


الصفحة التالية
Icon