ولما كان النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وكان المراد الأعظم في هذه الآيات بيان ما شرفه الله به من ذلك، أتبع ما بين أنه لا عدة فيه من نكاح المؤمنين وما حرمه عليهم من التضييق على الزوجات المطلقات بعض ما شرفه الله تعالى به وخصه من أمر التوسعة في النكاح، وختمه بأن أزواجه لا تحل بعده، فهن كمن عدتهن ثابتة لا تنقضي
١١٨
أبداً، أو كمن زوجها غائب عنها وهو حي، لأته ﷺ حي في قبره :﴿يا أيها النبي﴾ ذاكراً سبحانه الوصف الذي هو مبدأ القرب ومقصودة ومنبع الكمال ومداره.
ولما كان الذين في قلوبهم مرض ينكرون خصائص النبي ﷺ أكد قوله :﴿إنا أحللنا لك أزواجك﴾ أي نكاحهن، قال الحرالي في كتابه في أصول الفقه : تعليق الحكم بالأعيان مختص بخاص مدلولها نحو حرمت أو حللت المرأة أي نكاحها، والفرس أي ركوبه، والخمر أي شربها، ولحم الخنزير أي أكله، والبحر أي ركوبه، والثور أي الحرث به، وكذلك كل شيء يختص بخاص مدلوله، ولا يصرف عنه إلا بمعشر، ولا إجمال فيه لترجح الاختصاص - انتهى.


الصفحة التالية
Icon