ولما ذكر وصف النبوة لأنه مدار الأكرم من الخالق والمحبة من الخلائق تشريفاً له به وتعليقاً للحكم بالوصف، لأنه لو قال " لك " كان ربما وقع في بعض الأوهام - كما قال الزجاج - أنه غير خاص به ﷺ، كرره بياناً لمزيد شرفه في سياق رافع لما ربما يتوهم من أنه يجب عليه القبول فقال :﴿إن أراد النبي﴾ أي الذي أعلينا قدره بما اختصصناه به من الإنباء بالأمور العظمية من عالم الغيب والشهادة ﴿أن يستنكحها﴾ أي
١٢٠
يوجد نكاحه لها يجعلها من منكوحاته بعقد أو ملك يمين، فتصير له مجرد ذلك بلا مهر ولا ولي ولا شهود.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١١٦
ولما كان ربما فهم أن غيره يشاركه في هذا المعنى، قال مبيناً لخصوصيته واصفاً لمصدر ﴿أحللنا﴾ مفخماً للأمر بهاء المبالغة ملتفتاً إلى الخطاب لأنه معين للمراد رافع للارتياب :﴿خالصة لك﴾ وزاد المعنى بياناً بقوله :﴿من دون المؤمنين﴾ أي من الأنبياء وغيرهم، وأطلق الوصف للرسوخ فشمل من قيد بالإحسان والإيقان، وغير ذلك من الألوان، دخل من نزل عن رتبهم من الذين يؤمنون والذين آمنوا وسائر الناس من باب الأولى مفهوم موافقة، وقد كان الواهبات عدة ولم يكن عنده منهن شيء.
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله وأقوال : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها، فلما نزلت ﴿ترجى من تشاء منهن﴾ قلت : يا رسول الله، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
ولما كان التخصيص لا يصح ولا يتصور إلا من محيط العلم بأن هذا الأمر ما كان لغير المخصوص تام القدرة، ليمنع غيره من ذلك، علله بقوله :﴿قد﴾ أي أخبرناك بأن هذا أمر يخصك دونهم لأنا قد ﴿علمنا ما فرضنا﴾ أي قدرنا بعظمتنا.


الصفحة التالية
Icon