ولما ذكر المساكن وما تبعها، أتبعها الأمر بالعمل إشارة إلى أنه ﷺ ومن تبعه لا يليهيم ذلك عن العبادة فقال :﴿اعملوا﴾ أي وقلنا لهم : تمتعوا واعملوا، دل على مزيد قربهم بحذف أداة النداء وعلى شرفهم بالتعبير بالآل فقال :﴿آل داود﴾ أي كل ما يقرب إلى الله ﴿شكراً﴾ أي لأجل الشكر له سبحانه، وهو تعظيمه في مقابلة نعمه ليزيدكم من فضله أو النصب على الحال أي شاكرين، أو على تقدير : اشكروا شكراً، لأن " اعملوا " فيه معنى " اشكروا " من حيث أن العمل للمنعم شكر له، ويجوز أن تنتصب باعملوا مفعولاً بهم معناه أنا سخرنا لكم الجن يعملون لكم ما شئتم فاعملوا أنتم شكراً - على طريق المشاكلة ﴿وقليل﴾ أي قلنا ذلك والحال أنه قليل.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٠
ولما لم يقتض الحال العظمة لأنها مبالغة في الشكر أليق، اسقط مظهرها فقال :﴿من عبادي الشكور*﴾ أي المتوفر الدواعي بظاهره وباطنه من قلبه ولسانه وبدنه على الشكر بأن يصرف جميع ما أنعم الله عليه فيما يرضيه، وعبر بصيغة فعول إشارة إلى أن من يقع منه يطلق الشكر كثير، وأقل ذلك حال الاضطرار.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٠
ولما كان ربما استبعد موت من هو على هذه الصفة من ضخامة الملك بنفوذ الأمر وسعة الحال وكثرة الجنود، أشار إلى سهولته بقرب زمنه وسرعة إيقاعه على وجه دال على بطلان تعظميهم للجن بالإخبار بالمغيبات بعد تنبيهم على مثل ذلك باستخدامه لهم بقوله :﴿فلما﴾ بالفاء، ولذلك عاد إلى مظهر الجلال فقال :﴿قضينا﴾ وحقق صفة القدرة بأداة الاستعلاء فقال :﴿عليه﴾ أي سليمان عيله السلام ﴿الموت ما دلهم﴾ أي
١٦٤