المعجزات ما بهر العقول، وقد تقرر أن كل شيء ثبت بمن قبل نبينا ﷺ من الأنبياء من الخوارق ثبت له مثله أو أعظم منه إما نفسه أو لأحد من أمته، وهذا الذي ذكر لسليمان عليه السلام من حفظه بعد موته سنة لا يميل ثد ثبت مثله لشخص من هذه الأمة من غير شيء يعتمد عليه، قال الأستاذ أبو القاسم القشيري في رسالته في باب البادية قائماً ميتاً لا يمسكه شيء - انتهى.
وقد ثبت مثل ذلك الشخص في بلاد شروان من بلاد فارس بالقرب من شمخامى، اسم ذلك الولي محمد، ولقبه دمدمكي، مات من نحو أربعمائة سنة في المائة الخاسمة من الهجرة، وهو قاعد في مكان من مقامه الذي كان البسطامية، أخبرني من شاهده ممن كذلك لا أتهمه من طلبة العلم العجم، وهو أمر مشهور متواتر في بلادهم غني عن مشاهدة شخص معين، قال : زرته غير مرة وله هيبة تمنع المعتقد من الدنو منه دنواً يرى به به وجهه كما أشار تعالى إلى مثل ذلك بقوله تعالى ﴿لوليت منهم فراراً فلم يرجع منهم رعباً﴾ [الكهف : ١٨] قال : وكان معنا في بعض المرات شخص من طلبة العلم من أهل كيلان غير معتقد يقول : إنما هذا نوع شعبدة يخيل به على قول الرعاع، قال : فتقدم إليه بجرأة ولمس صدره ونظر في وجهه، فأصيب في الحال فلم يرجع إلا محمولاً، فأقام في المدرسة التي كان يشتغل بها في مدينة شماخي مدة، وأخبرنا أن الشيخ دمدمكي قال له لما لمسه : لولا أنك من أهل العلم هلكت، وأنه شيخ خفيف اللحية، قال : وقد تبت إلى الله تعالى وصرت من المعتقدين لما هوعليه أنه حق، ولا أكذب بشيء من كرامات الأولياء، قال الحاكي : وقد دفن ثلاث مرات إحداها بأمر تمرلنك فيصبح جالساً على ما هو عليه الآن - والله الموفق للصواب.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٤


الصفحة التالية
Icon