ولما كانت أعمالهم لقبحها ينبغي البراءة منها، فكانت بملازمتهم لها كأنها قد قهرتهم على ملازمتها وتقلدها طوق الحمامة فهم يعاندون الحق من غير التفات إلى دليل قال منبهاً على ذلك جواباً لمن كأنه قال : لم خصت أعناقهم وأيديهم بهذا العذاب ؟ :﴿هل يجزون﴾ أي بهذه الأغلال ﴿إلا ما كانوا﴾ أي كوناً هم عريقون فيه ﴿يعملون*﴾ أي على سبيل التجديد والاستمرار مما يدعون أنهم بنوه على العلم، وذلك الجزاء - والله أعلم - هو ما يوجب قهرهم وإذلالهم وإخزاءهم وإنكارهم وإيلامهم كما كانوا يفعلون مع المؤمنين ويتمنون لهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨١
ولما كان في تسلية أخروية، أتبعه التسلية الدنيوية، فقال عطفاً على ما تقديره : وما أرسلنا غيرك إلا إرسالاً خاصاً لأمته، عطفاً على ﴿ما أرسلناك إلا كافة﴾ وساقه مؤكداً لأنه مضمونه - لكونه في غاية الغرابة - مما لا يكاد يصدق :﴿وما أرسلنا﴾ أي بعظمتنا ولما كان المقصود التعميم، لأنه لم يتقدم قول قريش ليخص التسلية بمن قبلهم، أسقط القبلية بخلاف ما في سورة الزخرف فقال :﴿في قرية﴾ وأكد النفي بقوله :﴿من نذير﴾ أي ينذرهم وخامة ما أمامهم من عوقب أفعالهم، ودل بإفراده عن البشارة أن غالب الأمم الماضية من أهل النذارة لنظهر مزية هذه الأمة، ولعله عبر به إشارة إلى الناسخين للشرائع التي قبلهم دون المجددين من أنبياء بين إسرائيل فإن بعضهم لم يكذب ﴿إلا قال مترفوها﴾ أي العظماء الذين لا شغل لهم إلا التنعم بالفاني حتى أكسبهم البغي والطغيان :﴿إنا بما أرسلتم به﴾ أي أيها المنذرون ﴿كافرون﴾ أي وإذا قال
١٨٤


الصفحة التالية
Icon