المنعمون ذلك تبعهم المستضعفون فإذا وقفوا عندنا تقالوا بما تقدم ثم لم ينفعهم ذلك ﴿وقالوا﴾ مفاخرين ودالين على أنهم فائزون كما قال لك هؤلاء كأنهم تواصلوا به : ولما كانت الأموال في الأغلب سبباً لكثرة الأولاد بالاستكثار من النساء الحرائر والإماء، قدمها فقال :﴿أموالاً وأولاداً﴾ أي في هذه الدنيا، ولو لم يرض منا ما نحن عليه ما رزقنا ذلك ﴿وما نحن﴾ أي الآن ﴿بمعذبين*﴾ أي بثابت عذابنا، وإنما تعرض لنا أحوال خفيفة من مرض وشدائد هي أخف من أحوالكم، وحالياً الآن دليل على حالنا فيما يستقبل من الزمان كائناً ما كان، فإن الحال نموذج المآل، والأول دليل الآخر، فإن كان ثّم آخرة كما تقولون فنحن أسعد منكم فيها كما نحن أسعد منكم الآن، ولم تنفعهم قصة سبأ في ذلك فإنهم لو تأملوا لكفتهم، وأنارت أبصار بصائرهم، وصححت أمراض قلوبهم وشفتهم، فإنهم كانوا أحسن الناس حالاً، فصاروا أقبحهم مآلاً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٤


الصفحة التالية
Icon