جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٩
ولما كان فيه ما لا يشك أحد في حقيقته، لبسوا عليهم بأنه خيال يوشك أن ينكشف إيقافاً لهم إلى وقت ما، فقال تعالى إخباراً عنهم :﴿وقال﴾ ولما كان الحق قد يخفى، ولم يقيده بالبيان كما فعل في الآيات، أظهر موضع الإضمار بياناً للوصف الحامل لهم على ذلك القول وهو التدليس، فقال :﴿الذين كفروا﴾ أي ستروا ما دلت عليه العقول من حقيقة القرآن، ﴿للحق﴾ أي الذي لا أثبت منه باعتبار كمال الحقية فيه ﴿لما جاءهم﴾ أي من غير أن يمهلوا النظر ولا تدبر ليقال إن الداعي لهم إلى ما قالوا نوه شبهة عرضت لهم، بل أظهروا بالمسارعة إلى الطعن أنه مما لا يتوقف فيه، وأكدوا لما تقدم من خوفهم على أتباعهم ليخيلوهم فقالوا :﴿إن﴾ أي ما ﴿هذا﴾ أي الثابت الذي لا يكون شيء أثبت منه ﴿إلا سحراً﴾ أي خيال لا حقيقة له ﴿مبين*﴾ أي ظاهر العوار جداً، فهو ينادي على نفسه بذلك، فلا تغتروا بما فيه مما تميل النفوس ويؤثر في القلوب، ولقد انصدّ لعمري بهذا التلبيس - مع أن في نسبتهم له إلى السحر الاعتراف
١٩٠