الباقون بالواو مثل التناول لفظاً ومعنى، فقراءة الواو المحضة تشير إلى أنهم يريدون تناولاً سهلاً مع بعد المتناول في المكان، وقراءة الهمز إلى أن إراتهم تأخرت وأيطأت حتى فات وقتها، فجمعت إلى بعد المكان بعد الزمان.
ولما كان البعيد لا يمكن الإنسان تناوله مع بعده قال :﴿من مكان بعدي*﴾ فإنه بعد كشف الغطاء عند مجيء البأس لا ينفع الإيمان ﴿وقد﴾ أي كيف لهم ذلك والحال أنهم قد ﴿كفروا به﴾ أي بالذي طلب منهم أن يؤمنوا به أملاً وجزاءً ﴿من قبل﴾ أي في دار العمل ﴿و﴾ الحال أنهم حين كفرهم ﴿يقذفون﴾ في أمر ما دعوا إليه بما يرمون به من الكلام رمياً سريعاً جداً من غير تمهل ولا تدبر ﴿بالغيب﴾ أي من مرجمات الظنون، وهي الشبه التي تقدم إبطالها في هذه السورة وغيرها من استبعادهم البعث وغيره مما أخبر الله به.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٥
ولما كان الشيء لا يمكن أن يصيب ما يقذفه وهو غائب عنه ولا سيما مع البعد قال معلماً ببعدهم عن علم ما يقولون مع بعده جداً من حال من تكلموا فيه سواء كان القرآن أو النبي ﷺ أو الحشر والجنة والنار :﴿من مكان بعيد*﴾ وذلك على الضد من قذف علام الغيوب فإنه من مكان قريب فهو معلوم لازم للحق.
١٩٧
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٩٥


الصفحة التالية
Icon