جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥١
ولما أقام الأدلة ولم يبق لأحد تخلف عنه علة، صرح بما لوح إليه من إيمانه، فقال مظهراً لسروره بالتأكيد وقاطعاً لما يظنونه من أنه لا يجترئ على مقاطعتهم كلهم بمخالفتهم في أصل الدين :﴿إني آمنت﴾ أي أوقعت التصديق الذي لا تصديق في الحقيقة غيره بالرسل مؤمناً لهم من أن أدخل عليهم نوع تشويش من تكذيب أو غيره.
ولما أرشدهم بعموم الرحمانية تلويحاً، صرح لهم بما يلزمهم شكره من خصوص الربوبية والرحمانية والإبداع، وزاد في مصارحتكم إظهاراً لعدم المبالاة بهم بقوله :﴿فاسمعون﴾ أس سماعاً إن شئتم أشعتموه، وإن شئتم كتمتموه - بما دل ةعليه حذف الياء وإثباتها، فلا تقولوا بعد ذلك : ما سمعناه، ولو سمعناه لفعلنا به.
فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فقتلون، وقد أخبر النبي ﷺ أن مثل صاحب يس هذا في هذه الأمة عروة بن مسعود الثقفي حيث بادى قومة الإسلام، ونادى على عليته بالأذان، فرموه بالسهام فقتلوه.
ولما كان من المعلوم - بما دل عليه من صلابتهم في تكذيبهم الرسل وتهديدهم مع ما لهم من الآيات - أنهم لا يبقون هذا الذي هو من مدينتهم وقد صارحهم بما إن أغضوا عنه فيه انتقض عليهم أكثر أمرهم، لم يذكره تعالى عدّاً له عداد ما لا يحتاج إلى ذكره، وقال جواباً لمن تشوف إلى علم حاله بعد ذلك بقوله إيجازاً في البيان ترغيباً
٢٥٤
لأهل الإيمان :﴿قيل﴾ أي له بعد قتلهم إياه، فنباه للمفعول وحذفه لأن المقصود القول لا قائله والمقول له معلوم :﴿ادخل الجنة﴾ لأنه شهيد، والشهداء يسرحون في الجنة حيث شاؤوا من حين الموت.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥٤


الصفحة التالية
Icon