بقوله عاطفاً على ما تقديره : وما أنزلنا على قومه قبل قتلهم له من جند من السماء يحول بينهم وبين ذلك كما فعلنا بك إذ أراد أبو جهل قتلك بالصخرة وأنت ساجد عند البيت وغيره بغير ذلك مما هو مفصل في السير، وأما بعد الهجرة ففي غزوة الأحزاب إذ أرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً ردتهم خائبين، وفي غزوة أحد وبدر وحنين وغير ذلك :﴿وما أنزلنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿على قومه﴾ أي صاحب يس ﴿من بعده﴾ أي بعد قتله، وأعرق في النفي بقوله :﴿من جند﴾ وحقق المراد بقوله :﴿من السماء﴾ أي لإهلاكهم، وحقق أن إرسال الجنود السماوية أمر خص به ﷺ لأنه لحكم ترجع إلى النصرة بغير الاستئصال فإنهم يتبدون في صور الآدميين ويفعلون أفعالهم، وأما عذاب الاستئصال فإن السنة الإلهية جرت بأنه لا يكون بأكثر من واحد من الملائكة لأنه أدل على الاقتدار، فلذلك قال تعالى :﴿وما كنا منزلين*﴾ أي ما كان ذلك من سنتنا، وما صح في حكمتنا أن يكون عذاب الاستئصال بجند كثير ﴿إن﴾ أي ما ﴿كانت﴾ أي الواقعة التي عذبوا بها ﴿إلا صيحة﴾ صاحها بهم جبريل عليه السلام فماتوا عن آخرهم ؟ وأكد أمرها وحقق وحدتها بقوله :﴿واحدة﴾ أي لحقارة أمرهم عندنا، ثم زاد في تحقيرهم ببيان الإسراع في الإهلاك بقوله :﴿فإذا هم خامدون*﴾ أي ثابت لهم الخمود ما كأنهم كانت لهم حركة يوماً من الدهر، ومن المستجاد في هذا قول أبي العلاء أحمد ابن سليمان المعري :
وكالنار الحياة فمن رماد أواخرها وأولها دخان
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥٤


الصفحة التالية
Icon