ولما كان المراد من رسول ليس واحداً بعينه، وكانت صيغة فعول كفعيل يستوي فيها المذكر والمؤنث والواحد والجمع، أعاد الضمير للجميع فقال :﴿إليهم﴾ أي إلى الرسل خاصة من حيث كونهم رسلاً ﴿لا يرجعون*﴾ أي عن مذاهبهم الخبيثة، ويخصون الرسل بالاتباع فلا يتبعون غيرهم اصلاً في شيء من الأشياء الدينية او الدنيوية فاطردت سنتنا ولن تجد لسنتنا تبديلاً في أنه كلما كذب قوم رسولهم أهلكناهم ونجينا رسولهم ومن تبعه، أفلا يخاف هؤلاء أن نجريهم على تلك السنة القديمة القويمة فـ " إن " تعليلية على إرادة حذف لام العلة كما هو معروف في غير موضع، وضمير ﴿أنهم﴾ للمرسل إليهم، وضمير ﴿إليهم﴾ للرسل، لا يشك في هذا من له ذوق سليم وطبع مستقيم، والتعبير بالمضارع للدلالة على إمهالهم والتأني بهم والحلم عنهم مع تماديهم في العناد بتجديد عدم الرجوع، و﴿يرجعون﴾ هنا نحو قوله تعالى ﴿ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون﴾ [السجدة : ٢١] أي عن طرقهم الفاسدة - وهذا معنى الآية بغير شك، وليس بشيء قول من قال : المعنى أن المهلكين لا يرجعون إلى الدنيا ليفيد الرد على من يقول بالرجعة لأن العرب ليست ممن يعتقد ذلك، ولو سلم لم يحسن، لأن السياق ليس له، لم يتقدم عنهم غير الاستهزاء، فأنكر عليهم
٢٥٧


الصفحة التالية
Icon