ولما أثبت أمرها بما هو في غاية الفتنة لها واللطف للمؤمنين، سبب عن الفتنة بها قوله : راداً لإنكارهم أن يأكلوا مما لا يشتهونه ومكذباً لما كانوا يدعون من المدافعة :﴿فإنهم﴾ أي بسبب كفرانهم بها وبغيرها مما أمرهم الله ﴿لآكلون منها﴾ أي من هذه الشجرة من شوكها وطلعها وما يريد الله بما يؤلم منها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣١٥
ولما كانوا قد زادوا في باب التهكم في أمرها، زاد التأكيد في مقابلة ذلك بقوله :﴿فمالئون منها﴾ ومن غيرها في ذلك الوقت الذي يريد الله أكلهم منها ﴿البطون*﴾ قهراً على ذلك وإجباراً.
ولما أحرق
٣١٥
أكبادهم من شديد الجوع زيادة فيث العذاب، ولما جرت العادة بأن الآكل المتنعم يتفكه بعد أكله بما يبرد غلة كبده، قال مشيراً إلى تناهي شناعة متفكههم، وطويل تلهبهم من عطشهم، بأداة التراخي وآلة التأكيد لما لهم في ذلك من عظيم الإنكار :﴿ثم إن لهم عليها﴾ أي على أكلهم منها ﴿لشوياً﴾ أي خلطاً عظيم الإحراق ﴿من حميم*﴾ أي ماء حار كأنه مجمع من مياه من عصارات شتى من قيح وصديدونحوهما - نسأل الله العافية.