نبي بعثه الله إلى أهل الأرض" وإنما كانوا قوماُ لا أكثر، لأنهم كانوا على لسان واحد قبل بلبلة الألسن باتفاق أهل التأريخ، وذلك كما أن العرب يطلق عليهم كلهم على انتشارهم واتساع بلادهم أنهم قوم، لاجتماعهم في اللسان مع أنهم قبائل لا يحصيهم العد، ولا يجمعهم نسب واحد إلا في إسماعيل عليه السلام، وقيل فيما فوقه، فإن النسابين أجمعوا على أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام، قالوا : هو من ولد عدنان، واختلفوا في قحطان أبي اليمن وكذا ثقيف، فقيل : هما من ولد إسماعيل عليه السلام، وقيل لا، ثم من قال : إن ثقيفاً من ولد إسماعيل عليه السلام، قالوا : هو من ولد عدنان، وقال بعضهم : لا، ثم إن من ولد عدنان ربيعة ومضر، ومن دون مضر كنانة وهذيل والقارة وخزاعة وأسد وتميم ومزينة والرباب وضبة وقيس، ودون ذلك باهله وأشجع وفزارة وكنانة وقريش وخلائق، ومن دون ربيعة بكر بن وائل وغيرهم، ومن دون ذلك شيبان وعبد القيس والنمر وخلائق، ودون قحطان أبي اليمن لخم وجذام وعائلة وغسان وكندة وهمدان والأزد، ومنهم الأنصار وخلائق غير ذلك، فهؤلاء كلهم - على هذا التشعب والانتشار والاختلاف في الأديان، بل وفي بعض اللغة - يسمون أمة واحدة وقوماً لجمع اللسان لهم في أصل العربية، وبنو إسحاق ليسوا منهم بلا خلاف، مع أنهم أولاد عمهم لمخالفتهم لهم في اللسان، وعموم دعوته لبني آدم عليه السلام على هذا الوجه لا يقدح في خصوصية نبينا ﷺ بعموم الدعوة والأرسال إلى غير قومه، أما العموم فإنه أرسل إلى كل من ينوس من الإنس والملائكة والجن، وأما دعاء الأقوام فالمراد أنه أرسل إلى الموافق في اللسان والمخالف فيه، وأما غيره فما أرسل إلى من خالفه في اللسان ولا إلى غير جنسه وإن كان يندب له أنه يأمر بالمخالفين في اللسان وينهاهم من باب المعروف والنهي عن المنكر من غير وجوب، ولو سلمنا في نوح عليه السلام أنه لم يبعث إلى جميع أهل الأرض انتقض بآدم عليه


الصفحة التالية
Icon