ولما أفهم السياق شدة عداوته ﷺ، وكان الله تعالى قد أجرى عادته بأن جعل في النجوم أدلة على بعض المسائل الظنية لا سيما البحر البحرانات في أنواع الأسقام، وكان أهل تلك البلاد وهم الكسدانيون كما تقدم في الأنعام وكما قاله ابن عباس رضي الله عنهما وكما دلت عليه كتب الفتوحات - من أشد الناس نظراً في النجوم والاستدلال بها على أحوال هذا العالم في بعض ما كان وبعض ما يكون، وكان ﷺ يريد أن يتخلف عن الذهاب معهم إلى المحل الذي يجتمعون فيه للعيد ليكسر الأصنام ويريد إخفاء وقت الكسر عليهم ليتمكن من ذلك، قال تعالى حاكياً عنه مشيراً إلى ذلك بالتسبب عما مضى :﴿فنظر نظرة﴾ أي واحدة ﴿في النجوم*﴾ حين طلبوا منه أن يخرج معهم إلى عيدهم لئلا ينكروا تخلفه عنهم موهماً لهم أنه استدل بتلك النظرة على مرض باطني يحصل له، لأنهم ربما أنكروا كونه مريضاً إذا أخبرهم بغير النظر في النجوم لأن الصحة ظاهرة عليه ﴿فقال﴾ أي عقب هذه النظرة موهماً أنها سببه.
ولما كان بدنه صحيحاً فكان بصدد أن يتوقف في خبره، أكد فقال :﴿إني سقيم*﴾ فأوهم أن مراده أنه مريض الجسد وأراد أنه مريض القلب يسبب آلهتهم، مقسم
٣٢٢
الفكر في أمرهم لأنه يريد أمراً عظيماً وهو كسرها، ومادة ﴿سقم﴾ بتقاليبها الخمسة : سقم سمق قسم قمس مقس، تدور على القسم، فالسقام كسحاب وجبل وقفل : المرض، أي لأنه يقسم القوة والفكر، وقال ابن القطاع : سقم : طاولة المرض.


الصفحة التالية
Icon