جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٧
ولما كان سبحانه إذا منّ بشيء علم أنه عظيم، فإذا ذكر الفعل وترك المفعول أراد فخامته وعظمته، قال :﴿وتركنا عليه﴾ أي على الذبيح شيئاً هو في الحسن بحيث يطول وصفه.
ولما كان بحيث لا ينسى قال :﴿في الآخرين*﴾ ومن هذا الترك ما تقدم من وصفه بصدق الوعد، لأنه وعد بالصبر على الذبح فصدق.
٣٢٩
ولما عظم الغلام، استأنف تعظيم والده بما يدل على تشريفه على سلامته بقوله :﴿سلام على إبراهيم*﴾ أي سلامة له ولولده وتسليم وتحية وتكريم في الدارين ولما كان هذا خطاباً لمن بعده عليه السلام وهم كلهم محبون مجلون معظمون مبجلون لم يكن هناك حال يحوج إلى تأكيد فقال :﴿كذلك﴾ أي مثل هذا الجزاء العظيم ﴿نجزي المحسنين*﴾ من غير أن يذكر " أن " المؤكدة، ولما كانت أهل الملل كلها متفقة على حبه، وكان كلهم يدعي اتباعه ورتبه قربه، قال معللاً لجزائه بهاذ المدح في سياق التأكيد استعطافاً لهم إلى اتباعه في الإيمان في رتبة أتباعه، قال الرازي : الإيمان المطلق الحقيقي شهود جلال الله ووحدانيته والطمأنينة إليه في كل محبوب ومكروه، وترك المشيئة لمشيئته والانقياد لأمره في جميع أحواله.
ولما أتم قصته في أمر الذبيح، وشرع في ذكر ما جازاه به على ذلك، جعل منه أمر إسحاق عليه السلام فقال :﴿وبشرناه﴾ أي جزاء على صبره في المبادرة إلى امتثال الأمر في إعدام إسماعيل عليه السلام ﴿بإسحاق﴾ مولوداً زيادة له بعد ما سلمنا إسماعيل عليه السلام حال كونه ﴿نبياً﴾ أي في قضائنا أو بوجوده مقدرة نبوته.
ولما كان هذا اللفظ قد يطلق على المتنبئ، أزال إشكال هذا الاحتمال وإن كان واهياً بقوله :﴿من الصالحين*﴾ أي العريقين في رتبة الصلاح ليصلح لأكثر الأوصاف الصالحة.


الصفحة التالية
Icon